نزح سعيد من مدينة الحديدة (غرب اليمن) إلى صنعاء منذ نحو أربع سنوات، ويعمل في أحد الأسواق الشعبية في حي مذبح لتأمين معيشته ومعيشة أبنائه الخمسة. ويقول: "غادرنا المنزل ولم نأخذ معنا إلا ملابسنا. كنا نفكر فقط في النجاة من الموت حينها".
يتابع في حديثه لـ "العربي الجديد": "بدأت حياة جديدة بصنعاء، وحصلنا على مساعدات في البداية من منظمات عدة. لكن مؤخراً باتت تنقطع لفترة طويلة ولم تعد منتظمة، ولا تكفي احتياجات العائلات الأساسية من الغذاء. أعمل في بيع الفاكهة لتوفير الحد الأدنى من متطلبات العيش".
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن مكتب الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن (أوتشا) أن الخطة الإنسانية لليمن للعام الجاري تتطلب "4.3 مليارات دولار للوصول إلى 17.3 مليوناً من الأشخاص الأكثر ضعفاً والمحتاجين للدعم الإنساني".
أضاف: "سيسعى الحدث الرفيع المستوى لإعلان التبرعات إلى الحصول على دعم المجتمع الدولي في أربعة مجالات ذات أولوية، هي رفع مستوى الوعي بالأزمة الإنسانية الحادة في اليمن، وعملية الإغاثة المنقذة للحياة، وحماية وتوسيع التحسن المحدود الذي تم إجراؤه في عام 2022، وكذلك الدعم لمعالجة الدوافع الأساسية للاحتياجات الإنسانية، بالإضافة إلى دعوة لإنهاء الصراع".
ولفت إلى أنه "لا يزال حجم الاحتياجات الإنسانية مروعاً في اليمن، حيث سنوات الصراع والتشرد والتدهور الاقتصادي التي طال أمدها تولد معاناة كبيرة".
في السياق، يقول مسؤول الإعلام بمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، عبد الفتاح المقرمي: "نأمل أن يستمر المانحون في دعم المحتاجين في اليمن حتى يتمكن شركاء العمل الإغاثي من الاستمرار في تقديم المساعدات المنقذة للأرواح وخدمات الحماية لمن هم في أمس الحاجة إليها".
يضيف في حديثه لـ "العربي الجديد": "على الرغم من أن تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2022 كان بنسبة 52 في المائة فقط، إلا أنها ظلت واحدة من أكبر النداءات الإنسانية الممولة في العالم بفضل سخاء المانحين".
ويوضح: "تمكن المجتمع الإنساني في اليمن في عام 2022 من مساعدة ما يقرب من 11 مليون شخص من ذوي الحاجة كل شهر من خلال الاستجابة في قطاعات متعددة، على الرغم من بيئة العمل المعقدة"، مضيفاً: "هذا العام، يحتاج 21.6 مليون شخص في اليمن إلى المساعدات الإنسانية والحماية، وسنستمر في العمل على تسليط الضوء على الأزمة الإنسانية في اليمن لضمان ألا تكون أزمة منسية".
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2021، حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من نفاد الأموال اللازمة لمواصلة تقديم المساعدات الغذائية إلى 13 مليون شخص يدعمهم في اليمن.
وقال إنه اعتباراً من شهر يناير/كانون الثاني 2022، سيحصل ثمانية ملايين شخص على حصص غذائية مخفضة، بينما الخمسة ملايين شخص المعرضين لخطر الانزلاق في ظروف شبيهة بالمجاعة، سيظلون يحصلون على حصص كاملة".
وفي تقرير حديث، قال البرنامح إن متطلبات التمويل الصافي لمدة ستة أشهر (ديسمبر/ كانون الأول 2022 - مايو/ أيار 2023)، تبلغ 1.08 مليار دولار أميركي، وذلك لتمكينه من تقديم المساعدات الغذائية وبرنامج التغذية المدرسية وأنشطة المرونة ودعم سبل العيش والقدرة على الصمود لملايين اليمنيين.
ويقول ناصر سعيد، الذي يعمل بمنظمة إغاثية محلية، إن "مئات الآلاف من الأسر فقدت مصدر تأمين الغذاء الذي كانت تعتمد عليه خلال السنوات الماضية. وبسبب عرقلة المساعدات أحياناً، تصل السلة الغذائية للمحتاجين كل ثلاثة أشهر".
يضيف في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه "مع ارتفاع الأسعار، زادت فجوة الاحتياجات الإنسانية. وفي ظل الحرب الأوكرانية، يتم تجاهل المأساة التي تعيشها اليمن من جراء الحرب المستمرة.
هناك معاناة لا أحد يكترث لها". والعام الماضي، أعلنت الأمم المتحدة عن خيبة أملها بعدما أخفقت في جمع مبلغ 4.3 مليارات دولار لدعم اليمن، وحصلت على 1.3 مليار دولار فقط.
يشار إلى وجود معوقات تعرقل وصول الإغاثة للمحتاجين، من بينها تقييد حرية التحرك للعاملين في الإغاثة، وعدم القدرة على المسح الميداني، والفساد.
ويقول مسؤول في إحدى المنظمات الإغاثية، فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ "العربي الجديد": "يمنع الحوثيون في مناطق سيطرتهم أي منظمة من العمل الميداني.
كل مشاريع الإغاثة تتم بناء على توصيات الجهة المسؤولة عن المنظمات، والتي تتولى تحديد الحاجات".
يضيف في حديثه لـ "العربي الجديد": "بالإضافة إلى عمليات عرقلة وصول المساعدات ما يتسبب بإتلافها أو انتهاء صلاحيتها، توزع المساعدات بطريقة تخدم أطراف النزاع. على سبيل المثال، تكون الأولوية للأسر التي لديها قتيل أو أسير في الحرب الجارية، وهذه المعايير تحرم الأشخاص الأكثر حاجة".
والعام الماضي، قال منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، ديفيد غريسلي: "الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن حقيقة واقعة ينبغي أن نتصدى لها على وجه الاستعجال".
وأضاف أن "الأرقام هذا العام صادمة. فأكثر من 23 مليون شخص، أو ما يقرب من ثلاثة أرباع سكان اليمن، يحتاجون الآن إلى المساعدة. وهذا يمثل زيادة بنحو ثلاثة ملايين شخص عن عام 2021.
ويواجه ما يقرب من 13 مليون شخص بالفعل مستويات احتياجات حادة".