الابتزاز الإلكتروني.. جريمة صارخة تحرسها الأخلاق

نيسان/أبريل 18, 2023
الابتزاز الإلكتروني.. جريمة صارخة تحرسها الأخلاق صورة تعبيرية

في شهر يناير تعرضت نسرين(22 عاما)، للابتزاز الإلكتروني، من قبل شاب يمتلك صورا لها من داخل الكافتيريا الخاصة بالطالبات في جامعة تعز، حيث تفاجأت برقم غريب يرسل لها الصور على "واتساب"، ويقوم بتهديدها وابتزازها طالبا منها إرسال مبلغ من المال أو سيقوم بنشر صورها.

تصف نسرين - وهو اسم مستعار-، وضعها النفسي حين تعرضت للابتزاز قبل عامين، إنها ظلت أيام وليالي حبيسة للقلق والخوف، لأن الرسائل كانت "قوية ومرعبة"، حسب وصفها، مضيفة، "عندما كانت تصلني رسالة من المبتز من قوة الخوف والرعب لا أستطيع الوقوف على قدمي".

وتقول، "لكنني لم استسلم للمبتز، وقمت بحظر الرقم وإتلاف الشريحة الخاصة بي وتمكنت من منع وصول المبتز إليّ وقمت بإبلاغ أخي بالأمر".

وتضيف، تمكن أخي من التواصل مع المبتز واستدراجه لمعرفة هويته، واتضح بأنه طالب في دفعتي، ومن قام بالتقاط الصور هي زميلتي في الدفعة نفسها أيضا، فقام بإبلاغ رئاسة القسم وعمادة الكلية في الجامعة.

وتشير إلى أن زميلتها لم تكتف بأذيتها والتقاط الصور فقط، بل كانت تساعده على ابتزاز عدد من الطلبات، موضحة، أن الجامعة لم تتعامل مع الأمر بجدية واكتفت بأخذ المعلومات فقط، وهذا ما دفع أخوها للذهاب إلى المبتز وأخذ جواله وتكسيره.

تتسع ظاهرة الابتزاز الإلكتروني في اليمن موقعةً الكثير من الشباب والفتيات ضحايا مكبلين بالخوف والإرباك، والقلق، لاسيما في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وزيادة عدد مستخدميها من فئة الشباب والفتيات المراهقات منذ بدء الحرب في مارس/آذار 2015، دون وعي بكيفية التعامل معها، الأمر الذي عرض الكثير من الشباب والفتيات للوقوع في فخ الابتزاز.

حيث بلغت عدد الحالات الابتزاز الإلكتروني التي طلبت المساعدة من البحث الجنائي في تعز 4 حالات خلال شهر مارس٢٠٢٣، بحسب مصدر أمني بشرطة تعز لـ تعز تايم.

جريمة بلا قانون

رغم توسع وانتشار ظاهرة الابتزاز الإلكتروني إلا أنه لا يوجد قانون صريح يعاقب مرتكبيها لاسيما وأن الإنترنت دخيل على المجتمع اليمني.

تقول المحامية والناشطة الحقوقية رغد المقطري: "في الواقع لا يوجد هناك قانون ينص على مثل هذه الجرائم الإلكترونية خاصة أنه إلى الآن موضوع الإنترنت دخيل على اليمن في الفترات الأخيرة."

وتضيف: "مجلس النواب إلى الان لم ينعقد بالنسبة لحكومة الشرعية، وأيضاً في مناطق الحوثيين لا يوجد التحدث على مثل ذلك، ولكن يتم قياس تجريم هذه الجرائم على قانون الجرائم والعقوبات اليمني في مادة النصب والاحتيال."

ضحية أخرى

(ز.أ) ضحية أخرى من ضحايا الابتزاز الإلكتروني في محافظة تعز، حيث تعرضت زينب لسرقة جوالها قبل ثلاث سنوات وحينها قامت بإبلاغ جميع محلات الجوالات في منطقة الحوبان بشأن السارق ومعلومات الهاتف وبعد خمسة أيام ألقي القبض على شخص يحاول بيع جوال يحمل نفس معلومات هاتفها، وتم التحقيق معه واعترف أنه لم يقم بالسرقة وإنما اشترى الجوال من شخص آخر "من فئة المهمشين" بحسب روايتها لـ "تعز تايم".

لم تكن تتوقع زينب بأن السارق قد قام بنسخ صورها من الذاكرة قبل بيعه بحسب روايتها لتتفاجأ، بعد ثلاث سنوات بشخص يرسل لها صورتها عبر تطبيق "الماسنجر" في "الفيسبوك" من حساب باسم (رنا الكحلاني) متعذرًا بأنه حصل على ذاكرة فيها صور لها في الشارع طالبًا منها إرسال مبلغًا من المال مقابل أن يعيد إليها الذاكرة.

تشير زينب في حديثها إلى أنها لم تكن تدرك أن الحساب مزيفًا فأرسلت المبلغ وتم استلام الحوالة، لتنصدم بتهديده لها بدفع مبالغ مالية أو سيقوم بنشر صورها على مواقع التواصل الاجتماعي.

قد يعرضها للانتحار

تشير الحقوقية رغد المقطري إلى أن مثل هذه القضايا تؤثر على حياة البنت فأحياناً تتعرض الفتيات للعنف الأسري بشكل كبير وتتعرض لأنواع شتى من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

وتضيف المقطري : أحياناً خوف الفتاة على نفسها يعرضها للانتحار وهناك قضايا في رأيي أنها تؤثر أيضاً على الأسرة وتؤدي إلى التفكك الأسري.

وتؤكد المقطري أن بعض القضايا التي تصل إليها تكون خارج إطار الاسرة نفسها، ولا يتم إبلاغ الأسر لأن البنت تأتي إليها بحالة خوف وقلق من أن يصل الخبر إلى أسرتها. وموضحة إنه في حال معرفة الأسرة قد تتعرض البنت للضرب الشديد وربما للحبس وأحياناً حرمانها من حقوق كثيرة.

من جهته يقول الاخصائي النفسي لدى مستشفى الأمراض النفسية والعصبية،  الدكتور وليد الرباصي، إن الوضع النفسي المستمر للضغط من الجاني للضحايا للامتثال لمطالبهم، هذا قد يؤدي إلى القلق والتوتر والخوف المستمر وأيضًا قد يؤدي في بعض الحالات للاكتئاب الجسيم وقلق شديد ..

ويؤكد الدكتور وليد الرباصي، أن الضحية حالما يشعر بالعجز والخجل والتوتر والإذلال وعدم قدرته عن التخلص من الابتزاز ،قد يلجأ إلى إنهاء حياته بالانتحار. 

فيما تقول زينب: "كنت أتعرض لضغط نفسي عمري ما تعرضت له من قبل، قلق وخوف كبير جداً لا أحد يتصوره كانت نوبات البكاء ملازمة لي ليل نهار."


أسباب انتشار الظاهرة

تتعدد الأسباب مع أن ظاهرة الابتزاز الإلكتروني لم تكن منتشرة بهذا الشكل قبل اندلاع الحرب في اليمن كما يقول الناطق الرسمي لشرطة تعز المقدم أسامة الشرعبي، موضحا بقوله: "لا شك أن حالة الحرب وما ترتب عليها من انهيار كامل للمنظومة الأمنية وكافة مؤسسات الدولة وانهيار الوضع الاقتصادي والبطالة أدت إلى بروز عدد الظواهر والإفرازات المخلة بالأمن ومنها ظواهر لم تكن موجودة سابقاً كحالات الابتزاز وغيرها".

وأضاف المقدم الشرعبي، أن من الصعب أن نحدد نسبة الابتزاز من خلال الحالات التي وصلت إلينا وتم ضبطها، ربما يكون هناك قضايا أخرى وبسبب الوضع الاجتماعي في اليمن نجد أن أغلب الفتيات اللاتي يتعرضن للابتزاز أو الأسر تخشى من تقديم بلاغ للجهات الرسمية خوفًا من الفضيحة حسب اعتقادهم .

من جهتها تقول المحامية والناشطة الحقوقية رغد المقطري، إن الابتزاز يأتي بهدف الحصول على المال وهو مرض نفسي ولأجل إشباع رغبات شيطانية.

فيما يرى الدكتور وليد الرباصي، أن أسباب الابتزاز الإلكتروني من وجهة نظره أنها تتمحور حول البيئة التي يعيشها المبتز إما التدهور الأخلاقي له نتيجة الفوضى التي تعيشها البلاد منذ بدء الحرب، إضافة إلى الفوضى الحاصلة في الأجهزة الأمنية للدولة التي لا تؤدي عملها بالشكل المطلوب للتصدي لمثل هذه القضايا وأما عدم وجود بيئة مستقرة أمنياً من أجل ردع هؤلاء الوحوش، لا سيما وأن المجتمع لا يعطي هذا النوع من القضايا الاهتمام الكافي ولذلك لا يتم التصدي لهذا الأمر بشكل ملائم.

الوعي المجتمعي هو الحل

الناطق الرسمي باسم شرطة تعز المقدم أسامة الشرعبي يؤكد على أهمية رفع مستوى الوعي لدى المجتمع بالتصدي للظاهرة، وحث الفتاة وتشجيعها على الإبلاغ وعرض الموضوع على أسرتها.

ويرى الشرعبي في حديث لتعز تايم أن الأمر مرتبط أيضًا بتوعية الأسر بضرورة تفهم وعدم التعامل مع المشكلة التي تواجهها ابنتهم كعار، بل يجب عليها أن تستوعب الأمر وتتفهمه وتشجع بناتها على طرح مشاكلهن دون خوف.

الأمر الذي أكدته الناشطة الحقوقية رغد المقطري بقولها: "يجب أن يكون هناك توعية كبيرة لمثل هذه المشاكل والتوعية بالحلول، وطرق الوقاية من الوقوع بالمصيدة مثل الأمن الرقمي وما الذي يجب عمله لحماية الهواتف واللابتوبات وغيره من الأجهزة الإلكترونية التي تستخدمه الفتيات.

وتضيف المقطري : أيضًا يجب أن تعمل الأسر ذاتها على توعية أفرادها وخصوصاً النساء عن الأشياء التي يجب على الفتاة أن تقوم بها أثناء تعرضها للابتزاز الإلكتروني، ويجب أن يكون هناك ثقة من الأهالي تجاه بناتهم في حال تعرضت الفتاة لمثل هذه الابتزازات.

Additional Info

  • المصدر: تعز تايم - خاص| أحمد صادق الشيخ - غدير الشرعبي
Rate this item
(0 votes)
LogoWhitre.png
جميع الحقوق محفوظة © 2021 لموقع تعز تايم

Design & Developed by Digitmpro