وأوضحت أن المقصيين والمستبعدين عن السياسة والحياة خرجوا في فعل جماهيري لوضع حد للاستبداد وفساد متطاول تحول إلى رؤساء مؤبدين وجمهوريات وراثية عائلية وطائفية.
وقالت كرمان في كلمة لها -خلال أعمال مؤتمر المجلس العربي في البوسنة والهرسك- إن "الربيع العربي قال كلمته بأن هذه المنطقة تمر برغبة جامحة للحاق بالعصر."
واعتبرت أن "من حاربوا تطلعات شعوبنا للديمقراطية ودولة القانون، كانت النتيجة حروبا أهلية وانقلاباتٍ وجماعاتٍ ومليشياتٍ مسلحةً وإرهاباً، وكلها أوجه متنوعة لانتقام الثورات المضادة".
وأوضحت أن "الاستبداد والجماعات المليشياوية الطائفية مرضٌ، ولا يقدم إجاباتٍ وحلولاً لمشكلات مجتمعاتنا وأولوياتِها وطموحاتِها".
وتابعت تقول: "هذا الوضع السوداوي الذي نعانيه اليوم هو نتاج الثورات المضادة التي تحكم الآن دول الربيع، وليس نتاج ثوراتنا التي تآمر عليها العالم كله".
وأكدت أن "المؤامرات والانكسارات والتحديات تقوي العزائم، وتزيد من الإيمان بالتمسك بأحلامنا، ومواصلة نضالنا من أجل تحقيق نُظم ديمقراطية تتيح المشاركة والرقابة، وتنحازُ للمساواة بين المواطنين".
وعبَّرت عن أسفها لأن أوضاعَنا في الوطن العربي تتزامنُ عالمياً مع تراجع الديمقراطية، وتوسع الحروب والعنصرية والصراع الجيوسياسي بين الدول الكبرى.
واعتبرت أن "خذلانَ الغربِ الديمقراطي للربيع العربي كان بدايةً لهذه التوجهات العالمية التي تتراجعُ فيها الديمقراطيةُ وحقوقُ الانسان".
وأضافت: "أي توجهات تدعم التحولات الديمقراطية كان يفترض أن تكون معنا في الربيع العربي، لا أن تكون أسيرةً للمخاوف".
وحول المصالحة بين إيران والسعودية، عبَّرت كرمان أن "توجهاتِهما معروفة بأنها معادية للديمقراطية وحرية المجتمعات العربية في تقرير مصيرها واختيار طريقها نحو المستقبل".
وقالت: "لا نتوقع أن يكون لهذا التقاربِ أهدافٌ مختلفة عن توجهاتٍ دعمت كلَّ توجهٍ معادٍ للربيع العربي والديمقراطية وحقوق الإنسان في بلداننا".
وأكدت أن "عجلة التغيير في بلداننا دارت ولن تقف قبل أن تطوي عالماً كاملاً من الطغيان والقمع والسجون".
واعتبرت أن "المخاض الدامي يكشف حجم التراكم تحت سطح الاستقرار الخادع الذي قدم دائماً في الماضي كمبرر لمقايضته بالحرية والديمقراطية من قبل النظام العالمي".
وأضافت: "الربيع العربي لايقبل مقايضة الحرية بالاستبداد ، ولا خيار له سوى الحرية والديمقراطية والاستقرار معا".
وأكدت أن "الربيع العربي عمليةَ تحول تاريخية لا تنقضي بين يوم وليلة، وإنها عمليةٌ طويلة من إعادةِ تشكيل الوعي بالحرية والكرامة والمساواة والعدالة والديمقراطية".
وأوضحت أيضا أن "مواجهة الثورات المضادة ليست سوى جولةٍ في مسار الثورة الشعبية ومراحلها التي انطلقت وستستمر بعفوية وتلقائية".
وانطلقت صباح اليوم أعمال مؤتمر المجلس العربي تحت عنوان "التحول الديمقراطي في العالم العربي.. خارطة طريق"، في مدينة سراييفو بجمهورية البوسنة والهرسك، بمشاركة نخبة من المفكرين والباحثين والنشطاء السياسيين العرب.
وقال الرئيس التونسي الأسبق رئيس المجلس العربي "منصف المرزوقي" خلال الجلسة الافتتاحية، إن المؤتمر يجب أن يكون إضافة نوعية لمصير الديمقراطية في العالم، مشيرا إلى أن الثورات الديمقراطية ستجدد وأن اللحظة تتطلب تقييماً للتجربة الديمقراطية في العالم العربي.
من جانبه، قال نائب رئيس المجلس العربي وزعيم حزب غد الثورة المصري "أيمن نور"، إن مرحلة ما بعد الربيع العربي يفترض أنها تشكل وعيا متزايدا حول الاستبداد والديكتاتوريات.