فبعد سنوات من الحرب والدَّمار، يجد المواطن اليمني نفسه اليوم يواجه تحدِّيات جديدة تُضاف إلى سجل معاناته الطويل؛ تغيّرات مناخية قاسية، وفيضانات تجرف الأخضر واليابس، وأوبئة تنتشر بلا هوادة، كلها عوامل تزيد من هشاشة الوضع الإنساني المتردِّي أساسا.
في ظل هذه الظروف القاسية؛ يقف الشعب اليمني على مفترق طُرق، فالموارد الضعيفة تتناهشها ضباع الفساد الإداري، والمؤسسات معطَّلة تحت تأثير الاحتلال غير الرسمي، والتحدِّيات الاقتصادية تثقل كواهل المواطنين، والفقر والجوع يطرقان كل باب.
- خطة الاستجابة ضعيفة
يقول المنسق العام للجنة العليا للإغاثة؛ جمال بالفقيه: "إن الوضع الإنساني في اليمن، في الفترة الحالية، وصل إلى أشد مراحله، وإذا استمرت الحرب سيصل إلى وضع أسوأ مما نحن فيه".
وأوضح: "التحديات الأساسية تتمحور في عملية خطة الاستجابة الإنسانية الضعيفة للعام 2024، الأمر الذي أدى إلى أن الكثير من البرامج الإغاثية لم تصل إلى مستحقيها، مما أدى إلى انتشار سُوء التغذية، وهو ما دفع الأمم المتحدة والدول المانحة والعاملة في اليمن إلى أن تقول إن اليمن وصل إلى حد المجاعة".
وأضاف: "في الحقيقة، ضعف الاستجابة أثرّ بشكل كبير على الوضع الإنساني في اليمن، إلى جانب التحدِّيات الكبيرة؛ المتمثلة بالوضع الاقتصادي الذي يعيشه المواطنون، في ظل عدم وجود مرتّبات، إلى جانب انهيار العُملة أمام الدولار بشكل كبير، الأمر الذي انخفضت بسببه القدرة الشرائية لدى المواطنين".
وتابع: "ما يحصل من صراعات في البحر الأحمر أدى إلى زيادة تكلفة التأمين، وارتفاع تكاليف الشحن، إلى جانب الكوارث الطبيعية الحاصلة الآن، التي يمكن أن تشرِّد 50 ألف أسرة، في المحافظات المنكوبة؛ بسبب السيول، كالحديدة وحجة، وبعض المناطق في تعز".
وأردف: "هناك تحدِّيات كثيرة أمام مكتب التنسيق، إلى جانب الحكومة، والشعب اليمني الذي يعاني أصلا من ضعف الأمن الغذائي".
- لا آدمية
يقول الباحث في الشؤون الاقتصادية والإنسانية؛ الدكتور إيهاب القرشي: "عندما نتحدث عن الاقتصاد اليمني فنحن نتحدّث عن رأس الحربة التي تصيب المواطن أيا كان في الشمال أو في الجنوب، في الشرق أو في الغرب، كل المؤثرات التي تحيط بهذا الاقتصاد هي من تجعل الاقتصاد متدنيا وضعيفا".
وأضاف: "المواطن يعاني الأمرَّين، وإذا كانت العوامل المؤثرة موجودة إيجابيا ستحمي الاقتصاد، وستعمل على تعافيه، وبالتالي سيتحسن الوضع الإنساني والاقتصادي للمواطن اليمني، لكن ما يحدث كلها عوامل سيِّئة، بينما الاقتصاد والمواطن في أسوأ حالاتهما".
وتابع: "نحن اليوم لم نفقد فقط المعيشة، أو حتى الكرامة في المخيَّمات، بل خسرنا حتى آدميّتنا، خاصة السلطات في اليمن، أيا كان موقعها، أو على ماذا تسيطر؟".
وأشار إلى أنه "لا يوجد أي أساس آدمي لما يحدث للبشر في اليمن، لا على المستوى المحلي السلطوي، ولا على المستوى الإقليمي أو الدولي".
ويرى أن "الحرب العالمية لم تنتهِ عسكريا ولم تنتهِ سياسيا، وإنما انتهت مأساة الإنسانية عندما خسر أكثر من 100 ألف إنسان حياتهم بالقنبلة النووية والذرية على هيروشيما وناكازاكي".
وقال: "أرى أن اليمن تنتظر كارثة كبيرة حتى يفقد عدد كبير من المواطنين من حياتهم ليصحى العالم، ويقدّر أن هناك مجموعة من البشر، العائشين في هذه البُقعة الجغرافية التي يتناساها الجميع".
- عدم استقرار
يقول خبير الأرصاد الجوية، رشيد العريقي: "إن الأمطار كانت أكثر توسعا وشمولية، وتأثرت بها المناطق الجبلية والساحل الغربي، ويوم أمس الأحد، امتدت إلى مأرب".
وأضاف: "هذه الأمطار هي أمطار موسمية صيفية، ولا زلنا في شهر أغسطس، الذي تعد فيه الأمطار أشد أشهر العام غزارة في بلادنا".
وتابع: "بحسب البيانات المناخية والأرصاد، فقد خلَّفت هذه السيول أضرارا جسيمة في مديرية مقبنة بتعز، وبعدها في الحديدة، ويوم أمس في مأرب؛ أي الفاصل بين كل منها خمسة أيام تقريبا".
وأردف: "بلادنا لا تزال في حالات من عدم الاستقرار في الجو، وتوالي الموجات الشرقية؛ أي زيادة نسبة الرطوبة من البحر العربي باتجاه أغلب محافظات بلادنا".