لم تحضر اليمن حتى كمشكلة تحتاج إلى التوقف عندها، وذلك قد يعود إلى رؤية ترامب أن وجود ذباب على ظهر فيل يمكن احتماله طالما أنه لا يمثل خطورة على حياته.
وتسوِّق إدارة ترامب أنها أنجزت بالفعل اتفاقاً بوساطة عُمانية مع الحوثيين في السادس من الشهر الجاري، قضى بوقف الضربات الأمريكية مقابل التزام الحوثيين بوقف استهداف السفن الأمريكية في البحر الأحمر.
الاتفاق المبهم، الذي أنكره الحوثيون والتزموا به حرفياً، قلل من الحاجة لإدراج المشكلة اليمنية في أجندة الزيارة الخارجية الأولى لترامب منذ توليه منصبه.
ركّزت زيارة ترامب على تعزيز العلاقات الاقتصادية الاستثمارية مع السعودية، والإمارات، وقطر، ورغم ذلك انتزع الشرع، بوساطة من الرياض، قراراً برفع العقوبات عن بلاده، وهو ما يجعله الأول في بنك الرابحين من الزيارة، ويجعل الأمور مشرعة على المستقبل في سوريا ما بعد الأسد.
يتعامل ترامب بحسابات الربح والخسارة، وفي اليمن أعاد التصرف الذي بدأه في أفغانستان وفق مبدأ تجنب التورط العميق في الملف اليمني عسكرياً وسياسياً، خصوصاً مع فشل الضربات الأمريكية في تحقيق أهدافها ضد مليشيا الحوثي.
الشرعية النائمة في عسل الرياض تتحسر على عدم تقديمها لترامب كما حدث مع الشرع، وهنا تبرز إشكالية تتعلق برؤية السعودية لحلفائها في اليمن واعتبارها صاحبة اليد الطولى في مناقشة الملف اليمني في الرياض.
تحضر التسويات حين تصبح الأطراف المعنية بها مستعدة على الأرض، وهو ما تفتقده الشرعية التي أصبحت مغيّبة من طول بقائها في العباءة الصغيرة للسفير السعودي في الرياض وأبو ظبي.
كشفت كلمة أمير الكويت اليوم في القمة الخليجية الأمريكية عن ذلك، حين تحدث عن “وقف إطلاق النار بين أمريكا والسلطات اليمنية” قبل أن يستدرك ويقول: بين أمريكا والسلطات غير المعترف بها.
عقد من الغياب والاختطاف لليمن من قبل الأطراف الإقليمية والدولية، وتحول البلد إلى الهامش، رغم كونه إحدى بؤر الصراع الملتهبة التي أشعلتها طهران، وتعاملت معها الرياض وأبو ظبي كبقعة لتجريب وصفات الملشنة وخنق الأصوات المعارضة، لبقاء اليمن في قطار الرهائن تحت طائلة الموت.