جاء ذلك خلال جلسة حوارية نظمها معهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم في موسكو، على هامش زيارة الرئيس العليمي إلى روسيا الاتحادية.
وانتقد الرئيس ما وصفه بـ”غياب الفهم الدقيق لطبيعة الصراع في اليمن”، مشيرًا إلى انتشار سرديات مضللة داخل بعض مراكز التفكير وصناعة القرار في الخارج، من بينها الزعم بأن المليشيا “جماعة مظلومة” يمكن دمجها سياسيًا، مؤكدًا أن الحقيقة هي أن اليمن يواجه تنظيمًا عقائديًا مسلحًا يرفض أي صيغة للدولة المدنية أو المساواة بين المواطنين.
وأكد العليمي أن الأخطر من ذلك هو تصنيف المليشيا كـ”تهديد عابر” مرتبط فقط بتداعيات الحرب في غزة، معتبرًا ذلك تصورًا خاطئًا ومضللًا.
وأوضح أن التهديد الذي تمثله المليشيا ليس مؤقتًا، بل خطر بنيوي ودائم على اليمن والمنطقة والممرات الدولية، مستشهدًا باختطاف السفن وزراعة الألغام البحرية والقرصنة في البحر الأحمر، والتي قال إنها بدأت قبل عام 2024، واستمرت حتى أثناء فترات الهدنة والمفاوضات.
وأضاف أن المليشيا لا تختلف في سلوكها عن الجماعات الإرهابية التي تدينها موسكو، من استهداف للمطارات والموانئ، وتفخيخ للمساجد والمدارس، وتجنيد للأطفال، وتحويل البنية المدنية إلى أهداف عسكرية، في ظل تواطؤ دولي غير مبرر.
وأشار إلى أن الحكومة الشرعية، رغم كل التحديات، ما زالت تسيطر فعليًا على نحو 70% من الجغرافيا اليمنية، وتضم تحت مظلتها معظم التيارات الوطنية، بينما تتلقى المليشيا تسهيلات وحوافز من بعض الأطراف الدولية.
ودعا إلى استعادة منطق الدولة في مواجهة مزاعم “الولاية الإلهية”، والانتصار للمؤسسات الشرعية، مشيرًا إلى أن هذا الموقف ينسجم مع موقف روسيا التقليدي في مواجهة الإرهاب والفوضى في مناطق أخرى من العالم.
وفي الشأن الإقليمي، جدد العليمي موقف اليمن الداعم لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ووقف الاعتداءات الإسرائيلية، لكنه شدد على أن هذا الموقف لا يمكن أن يكون مبررًا لتمرير أجندة إيران أو استخدام وكلائها لزعزعة استقرار المنطقة، كما هو الحال في اليمن.
وحذر من التمدد الإيراني الذي قال إنه لا يهدد اليمن فحسب، بل يخلّ بالتوازن في منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي، لافتًا إلى العلاقة الوثيقة بين المليشيا وتنظيمات إرهابية مثل القاعدة وداعش، من خلال تقاسم الأدوار والتعاون اللوجستي، في مؤشر على إعادة تشكل منظومات الإرهاب العابر للحدود.
وأوضح العليمي في مداخلته بأن العلاقات اليمنية الروسية ليست علاقات طارئة أو عابرة، بل تمثل واحدة من أقدم وأصدق العلاقات التي ربطت روسيا بدولة عربية، مشددًا على ضرورة منحها ما تستحق من دراسة وإنصاف.
وأفاد العليمي أن اليمن كانت من أوائل الدول العربية التي فتحت نافذتها على موسكو منذ عشرينيات القرن الماضي، حين أبحرت أول سفينة سوفييتية إلى ميناء الحديدة محمّلة بالمواد الأساسية، مؤكدًا أن العلاقة لم تكن تجارية فقط، بل كانت شراكة سياسية وثقافية وإنسانية طويلة الأمد.
وأشار إلى أن الاتحاد السوفييتي كان أول من اعترف بالجمهورية عقب ثورة 26 سبتمبر، وأول من دعم دولة جنوب اليمن بعد الاستقلال، كما ساهم في تأسيس مشاريع حيوية منها الموانئ ومصانع الإسمنت والجامعات، وتخرج من مؤسساته التعليمية آلاف اليمنيين الذين لا يزالون يحتفظون بذكريات إيجابية عن تلك المرحلة.
وأضاف رئيس المجلس: “كما كانت روسيا حليفًا في لحظة البناء، نحن على ثقة بأنها ستكون شريكًا في لحظة الصمود والتعافي”.