وجاء هذا الإجراء بموجب تعميم رسمي أصدره رئيس هيئة التفتيش القضائي التابع للجماعة، بتاريخ 5 نوفمبر 2025، تحت الرقم (48)، والذي نص على توزيع 83 خريجًا للتدريب في المحاكم بإشراف مباشر من قضاة محددين. وبرّرت الجماعة الخطوة بأنها تأتي في إطار ما وصفته بـ"متطلبات الصالح العام وتطوير الأداء القضائي"، في وقت يراها مراقبون محاولة مكشوفة لإعادة تشكيل السلطة القضائية على أسس مذهبية.
وبحسب مصادر قانونية في صنعاء، فإن هؤلاء الخريجين ينتمون إلى مراكز دينية حوثية خضعت لدورات فكرية مكثفة تهدف إلى إعداد كوادر عقائدية يمكن زجها تدريجيًا في مفاصل القضاء، تمهيدًا لإقصاء القضاة المحسوبين على النظام القضائي الرسمي، ما ينذر بإلغاء ما تبقى من استقلالية القضاء في مناطق سيطرة الجماعة.
وأثارت هذه الخطوة ردود فعل غاضبة في الأوساط الحقوقية والقانونية، التي اعتبرتها جزءًا من مشروع "حوثنة القضاء"، وتحويله إلى أداة بيد الجماعة لتصفية خصومها وتكريس سلطتها. وحذّر محامون من أن "السكوت على مثل هذه التعيينات يشكل تهديدًا مباشرًا لعدالة التقاضي، ويفتح الباب أمام مزيد من الانتهاكات بحق المواطنين".
وأكد المحامي الحقوقي عمار ياسين أن القضاة في مناطق سيطرة الحوثيين أصبحوا عاجزين عن الاعتراض على مثل هذه الإجراءات خوفًا على وظائفهم، مضيفًا أن الجماعة "لم تعد تكتفي بتوجيه القضاء من الخارج، بل تسعى اليوم إلى إعادة صياغته من الداخل".
واعتبر أن هذا التطور يعكس تحوّل القضاء في مناطق الحوثيين من سلطة عدلية مستقلة إلى ذراع تنفيذية في خدمة مشروع الجماعة.
