عملتان نقديتان في تعز.. عقاب حوثي يفوق وطأة الحصار

أيار 06, 2022

تعز تايم - فريق التحقيقات

تبرز محافظة تعز كنموذج مصغّر للتشرذم والانقسام الاقتصادي، الذي أحدثته جماعة الحوثي في عموم اليمن، حيث يحتاج سكانها إلى عملتين نقديّتين من أجل تسيير أمور حياتهم عند الانتقال عدّة كيلومترات فقط، خلافا لباقي سكان المدن الذين يتعاملون مع عملة واحدة، سواء كانت من الطبعة الجديدة، كما هو معمول في كافة المدن المحررة، أو تلك القديمة المتداولة في مناطق الحوثيين.

وبعد أشهر من التغاضي عن إجراءاتها الصارمة، التي كانت محصورة على صنعاء ومحافظات خاضعة كليا لسيطرتها، منعت جماعة الحوثي تداول العملة النقدية، التي طبعها البنك المركزي الخاضع للحكومة المعترف بها دوليا، في المناطق الخاضعة لسيطرتها شرق وشمال وغرب تعز.

وبلغت أسعار صرف الدولار الواحد - بحسب آخر رصد لتعز تايم - في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي بالمدينة 560 ريالا فيما وصل الريال السعودي إلى 148 ريالا يمنيا، وفي المناطق الخاضعة لنفوذ الحكومة بتعز أصبح سعر الدولار الواحد ب  1026 ريالا  والسعودي 270 ريالا، وعليه فإن الريال اليمني بالطبعة القديمة مقابل الطبعة الجديدة أصبح كالتالي : (ريال يمني قديم = 1.9 ريال يمني جديد).

نهب مدّخرات السكان

ومن الواضح أن الهدف الرئيسي للسلطات الحوثية من وراء منع تداول الطبعة الجديدة للعملة المحلية لم يكن المُحافظة على استقرار العملة في مناطق سيطرتها، خصوصا في ظل الارتفاع المهول لأسعار السلع وغلاء المعيشة، بقدر ما كان نهب مدّخرات المواطنين والتجّار.

منذ مطلع مارس وحتى منتصف أبريل الماضي، صادرت السلطات الحوثية، في منافذ الحصار على مدينة تعز، أكثر من 15 مليون ريال يمني وفقا لبيانات رسمية صادرة عمّا يسمى "وحدة مكافحة التهريب"، التابعة للمليشيا.

تزعم السلطات الحوثية أن الكميّات المنهوبة من العملة فئة ألف ريال ذات الرَّمز "د" من العملة التي طبعها بنك عدن، فيما تبدو المفارقة أن السلطات الحوثية تسمح بمرور ذات الطبعة التي تحمل الرَّمز "أ"، ولكن بكميات محدودة لا تتجاوز 100 ألف ريال لكل شخص، فيما تقوم بمصادرة باقي الكميات.

وبما أنها لم تسفر عن تحقيق أي استقرار اقتصادي، ساهمت الإجراءات الحوثية فقط في مفاقمة معاناة المدنيين على امتداد مديريات تعز. ووفقا لعمال وذوي مصالح تجارية في منطقة الحوبان الصناعية  شرقي المدينة، كانت عملية منع تداول العملة النقدية المطبوعة مؤخرا أشد وطأة على الناس من الحصار الذي تفرضه المليشيا منذ 7 سنوات.

اقرأ أيضا: "تعز تايم" يفتح ملف خنق الحوثيين تعز اقتصاديا

في الوقت الراهن، يضطر الراغبون بالانتقال من مركز مدينة تعز إلى ضواحيها الشرقية إلى شراء النقد الأجنبي قبل أن يعزموا السفر إلى منطقة الحوبان أو مسقط رأسهم في مديريات ماوية وشرعب ومقبنة، ومن هناك يلجأون مجددا إلى بيع العملة الأجنبية مقابل عملة محلية من الطبعة المتداولة في مناطق الحوثيين.

بالنسبة للموظفين، الذين يتقاضون مرتباتهم الشهرية من الحكومة المعترف بها أو عمّال الأجر اليومي الذين يتسلمون مستحقاتهم بالرّيال اليمني، يبدو الإجراء الحوثي بمثابة حكم إعدام، حيث يتم التهام مصادر رزقهم في شراء عملة أجنبية، ولكن دون فائدة.

يقول نشوان يحيى -موظف حكومي يقطن منطقة الحوبان- لـ"تعز تايم": "إن القرار الحوثي المجحف لا معنى له سوى الإمعان في تعميق معاناة الناس، حيث يتم نهب نصف أو ثلثي الأموال مقابل التحويلات المباشرة أو شراء عملات أجنبية".

ويضيف: "في الأشهر الأولى لتطبيق القرار، كان هناك فارق كبير في أسعار السلع والمواد الغذائية بين مناطق الحكومة ومناطق الحوثيين، لكن في الوقت الراهن، فارق الأسعار أصبح ضئيلا جدا، والسلعة التي تُباع بما يوازي 30 ريالا سعوديا مقابل الريال اليمني في وسط المدينة، تباع بما يوازي 55 ريالا سعوديا في المناطق الخاضعة للحوثيين".

رغم التقارب الكبير لأسعار السلع، إلا أن صرف العملة الأجنبية في مناطق سيطرة الحوثيين تدهور إلى أدنى مستوياته منذ سنوات خلال الشهر الماضي، ففي حين يتم تداول 260 ريالا يمنيا مقابل الريال اليمني في مناطق الحكومة، يضطر المواطنون إلى صرف ذات العملة مقابل 140 ريالا.

فارق الأسعار

أكد تجار تجزئة قاموا بنقل تجارتهم من مدينة تعز إلى منطقة الحوبان، في سنوات الحرب الأولى، لـ"تعز تايم" أن المفارقة أيضا تكمن في أن غلاء المعيشة في مناطق الحوثيين يمتد إلى كافة المستويات، حيث يبلغ الإيجار الشهري لشقة سكنية متواضعة نحو 80 ألف ريال، أي ما يعادل 570 ريال سعودي، وهو مبلغ يكفي لإيجار 4 شقق سكنية في المناطق الخاضعة للحكومة وسط المدينة.

المعاناة ذاتها يتكبّدها القاطنون في مناطق الحكومة وسط مدينة تعز. خلافا لسكان باقي المدن المحررة، الذين يتضررون بشكل أكبر عند شراء المواد المستوردة، يجد السكان أنفسهم مجبرين على شراء بضائع محلية بما يوازي العملة الأجنبية، رغم أنها من إنتاج محافظتهم.

اقرأ أيضا: معابر تعز 7 سنوات من الإنتقام

ويضطر سكان مدينة تعز المحاصرة إلى شراء الفواكه والخضروات القادمة من الحوبان بسعر مضاعف لتلك القادمة من مناطق الجنوب الخاضعة للحكومة، حيث يُباع سعر الكيلو غرام الواحد من مادة الطماطم القادمة من مناطق الحوثيين بنحو ألفي ريال يمني، وذلك بزيادة ألف ريال عن الكيلو الواحد من المحصول الذي يُزرع في النشمة ومناطق الضباب.

أرجع باعة خضروات وفواكه في مدينة تعز لـ"تعز تايم" ارتفاع أسعار الخضروات والفواكه القادمة من مناطق الحوثيين إلى أن عملية شرائها تتم بالريال السعودي، ولذلك يلجأون إلى تعويض خسائرهم برفع الأسعار على المستهلك بما يوازي صرف العملة.

ولا يلتزم غالبية الباعة وصغار التجار بأي تحسّن يطرأ على العملة اليمنية، وذكر سكان في مدينة تعز أن بعض السلع الأساسية، وكذلك الأدوية، تباع بما يوازي 400 ريال مقابل الريال السعودي الواحد، وليس كما هو متداول عند 260 منذ أبريل الماضي.

Rate this item
(0 votes)
Last modified on الإثنين, 09 أيار 2022 11:37
LogoWhitre.png
جميع الحقوق محفوظة © 2021 لموقع تعز تايم

Design & Developed by Digitmpro