يأتي ذلك مع توّسع ظاهرة التخلِّي الجماعي عن الأجهزة المنزلية ذات الاستهلاك المتزايد للتيار الكهربائي، وصعوبة تأمينه؛ لتشغيلها من خلال الاشتراك لدى محطات التوليد التجارية، وتحمل عبء تكاليف الاستهلاك الشهرية الباهظة؛ نظرا لتردِّي الأوضاع المادية والمعيشية للمواطنين، وتركُّز اهتمامهم على توفير القُوت الضروري لأسرهم.
واضطرت بعض الأسر إلى نقل ثلاجات التبريد إلى أسطح المنازل، أو رميها خارجها، أو بيعها على تُجار الخردوات وباعة الثلج. وفي محاولة للاستفادة من الحيِّز الذي تشغله في داخل مساكنها، جعلت أخرى من الثلاجات أرشيفاً أو مكتبة أو دولاب لحفظ الأشياء، أو مكانا للعب بالنسبة للأطفال.
- استخدامات
تقول أم محمد: "بسبب غياب الكهرباء الحكومية، وغلاء الكهرباء التجارية استخدمنا الثلاجة مخزنا لأدوات المطبخ من صحون وقُدور وأوانٍ فخارية"، مضيفة: "نسينا شيئا اسمه تشغيل الثلاجة
لتبريد مياه الشرب، وحفظ الأطعمة، كما كُنا نفعل في سنوات ما قبل الحرب".
أما المواطن عبدالله سعيد فيستخدم الثلاجة لحفظ أدوات العمل الخاصة بصيانة وتركيب منظومات الطاقة الشمسية، وأطباق الستلايت، ويتشابه في ذلك مع علي الشريحي، الذي يستخدمها لحفظ بعض الأدوات المتعلقة بسيارته من مفاتيح ومفكَّات ومستلزمات إفراغ الزيوت، وإصلاح الإطارات، ".
وبقدر ما تثيره تلك الاستخدامات من غرابة تظهر مدى البُؤس والمعاناة، التي خلَّفها الانقطاع المُزمن للكهرباء الحكومية، والعجز عن الاشتراك لدى شركات التوليد التجارية ومواجهة فواتير الاستهلاك الشهرية الباهظة للتيار الكهربائي اللازم لتشغيل الثلاجات، وغيرها من الأجهزة التي تخلَّى عنها المواطنون.
يقول الناشط نائف الوافي لموقع "بلقيس":
"لا يتوقف استخدام الثلاجات المنزلية عند حفظ الكتب، والملازم، والأحذية، والملابس، والأدوات التالفة، والمكانس الكهربائية المتوقفة، والتراميس، ومعدات العمل، والمطبخ، والألعاب، والبهارات، وغيرها".
وأضاف: "هذه الأداة المهمة، التي لم تكن تتوقف عن العمل في سنوات ما قبل الحرب، غابت اليوم عن حياة الكثير من الأسر، وأضحت منسية ومكانا يتخفَّى فيه الأطفال أثناء القيام بلُعبة التخفِّي الشعبية، والمعروفة بالغماية".
- تبعات
تعتمد عشرات الأسر على التيار المولد من منظومات الطاقة الشمسية في تغطية احتياجاتها المحدودة والبسيطة كإنارة غُرف المنزل بالتناوب، وتشغيل شاشات التلفاز لأوقات محددة، تحظر أيضاً تشغيل بعض الأجهزة الضرورية؛ رغم استهلاكها المتواضع للتيار، ما يتسبب بمشاكل أسرية، حسب ناشطين.
ويثير تأخّر عودة الكهرباء الحكومية، وما ترتّب عليها من مُعاناة، سخط المواطنين بمختلف شرائحهم، ويظهر ذلك من خلال تفاعلهم الملحوظ مع المظاهر الاحتجاجية التي أطلقها نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، للمطالبة بإعادة هذه الخدمة، وتساءلوا عن سِر غيابها الطويل، وتداعيات ذلك.
واحتلت الاستخدامات الجديدة للثلاجات حيزا كبيرا من تلك المظاهر الاحتجاجية، ونشر مواطنون، ونشطاء على صفحات "فيسبوك"، تغريدات وصورا للثلاجات، حيث كتب محمد مهيوب علي: "تحوَّلت ثلاجة بيتنا إلى مخزن للطاوات والصحون والكتالية، وكل الشقادف".
فيما ذكر آخرون استخدامات متباينة، أبرزها: حفظ الأجهزة الصغيرة، والدفاتر التالفة، والملازم، وأدوات النظافة، وأدوات الصيانة، والأدوية، والبعض زرع فيها نباتات عِطرية على سطح المنزل.
أما بالنسبة لتغطية فجوة الثلاجات المتوقِّفة عن العمل، فيلجأ البعض إلى شراء قِطع الثلج من الشارع لتبريد مياه الشرب، وكذلك رمي الأطعمة الفائضة والخضروات المعرضة للتلف؛ بسبب عدم تبريدها، في براميل القمامة،