يتكون الزي التقليدي الصبري من الثوب أو ما يسمى بالقميص، فضلاً عن السروال، والمَصَر وهو حجاب يلف على الرأس بطريقة معينة، والمقرمة التي تلف بشكل دائري على الرأس من فوق المَصَر، وتتزين المقرمة بالمَشْقُر، وهو عبارة عن وردة طبيعية أو أزهار نباتات عطرية كالزنبق أو الريحان أو المطابق.
بمجرد جولة لك في محال الخياطة في جبل صبر للتعرف على الزي عن قرب، وأنواعه المختلفة ستفهم كيف يُقسّم الزي الصبري حسب نوع القماش، وحسب نقشة الصدر الذي يمثل واجهة القميص، فلكل منطقة في الجبل نوع مخصص ولكل مناسبة زيها الخاص، كما أن لكل فئة عمرية زياً مختلفاً.
القميص الصبري ينقسم إلى نوعين: نوع قديم يسمى "عِقْرة"، ويكون الثوب الصبري فيه أشبه بالبنطلون والبلوزة، ونوع آخر هو السائد حالياً ويسمى "موادمي" يكون القميص فيه أشبه بالفستان. تتراوح أسعار الزي الصبري التقليدي من 50 إلى 100 دولار، وفقاً لنوع القماش، وخياطة الصدر، إذ إن الصدر المحبوك يدوياً يكون أغلى سعراً.
ويلبس الزي التقليدي الصبري في جبل صبر، كزيٍّ رسمي للنساء خصوصاً في مديرية مشرعة وحدنان، وبعض عزل (مناطق) مديريات المسراخ والموادم التابعة للجبل. كما يلبس في الأعراس، وترتديه بعض الناشطات في الفعاليات المجتمعية.
بحسب ما يقول الباحث عبد الغني الصبري، فإنّ الزي التقليدي الصبري قديم جداً، ويعود أصله إلى الدولة الحميرية، إذ إن جبل صبر نفسه يعد من أهم المناطق التي سكنها الحميريون، وسمي الجبل بهذا الاسم نسبة لصَبِر بن حِمير. وخلال مراحل تاريخية متعددة، تعرض الزي للتطوير مع المحافظة على الجوهر المتمثل بأجزائه وطريقة خياطته ولبسه. وبحسب الباحث، فالزي الصبري تأثر بالمجتمعات التي تداخلت مع المجتمع اليمني بثقافاتها خلال المراحل التاريخية المختلفة، فمثلاً الحجاب أو ما يسمى بالمَصَر تأثر في طريقة لبسه من قبل النساء العثمانيات خلال احتلال الدولة العثمانية لليمن.
ولأن الزي التقليدي الصبري أصبح رمزاً وهوية للمرأة اليمنية، تحرص الكثير من الناشطات اليمنيات على ارتدائه في المناسبات الرسمية داخل البلاد وخارجها، فعام 2013، صعدت الروائية والأديبة اليمنية بشرى المقطري إلى مسرح قاعة MK2 التابعة لمكتبة فرنسوا ميتران في باريس، لاستلام جائزة مؤسسة فرانسوا جيرو للدفاع عن الحريات، وهي ترتدي الزي التقليدي الصبري باعتباره رمزاً لهويتها. كما ظهرت الناشطة توكل كرمان، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، في أكثر من مناسبة، وهي ترتدي الزي الصبري الذي يبهر بجماله وتصميمه الفريد والمميز.
وواجه الزي الصبري العديد من التحديات التي هددته بالانقراض. ففي فترة سيطرة العثمانيين على تعز حاولوا فرض النقاب التركي على النساء، كما تعرض لموجة أخرى من التهميش من خلال محاولات فرض التيارات الدينية، في تسعينيات القرن الماضي، الخمار ليحل بديلاً عن الزي التقليدي، ونجحت هذه المحاولات في بعض المناطق، في حين بقيت مناطق أخرى محافظة عليه مثل مشرعة وحدنان.
مديرة مركز التراث في تعز سعاد العبسي تقول إن الزي الصبري متعدد، فلكل عزلة (منطقة) زي خاص بها، ولكل حياكة تسمية، ولكن الزي الذي اشتهر هو القميص الصبري، ويسمى المحرر بأكمامه الطويلة، وجاءت شهرته من حياة المرأة الصبرية، خصوصاً لناحية مساهمتها في سوق العمل والحياة الاقتصادية، إذ إن نساء صبر يعملن في التجارة، ببيع كل أنواع الخضراوات والفواكه والقات، وكذا التجارة بالذهب. لذا اكتسب الزي الصبري هوية تراثية مرتبطة بشخصية المرأه المكافحة في الحياة.
وأشارت العبسي إلى أن بعض الأزياء الصبرية انقرضت لأسباب اقتصادية نتيجة ارتفاع سعرها، إلى جانب أسباب سياسية تتمثل ببروز الأفكار الأيديولوجية للجماعات الدينية التي فرضت الخمار، حتى عزف المشتغلون بالتراث عن إنتاج الزي الصبري.