خلافاً للوساطات السابقة، تمتلك مسقط حالياً تصوراً شاملاً لحل الأزمة اليمنية وتنازلات حقيقية من الأطراف الرئيسيين، ومن المؤكد أنها ستلجأ للتريث من أجل إنضاج اتفاق إنهاء النزاع لاعتبارات عدة؛ أولها إرضاء كافة الأطراف بتنفيذ متزامن لكافة البنود بما يتجاوز الشروط الحوثية بتقديم الملف الإنساني، وكذلك شروط التحالف والحكومة الشرعية بتقديم وقف إطلاق النار.
السبب الثاني وهو الأهم، أنّ سلطنة عُمان التي تعمل على صياغة حل يكون برعاية أممية لا إقليمية، لا تريد تسليم ثمار الوساطة المعقدة التي قامت بها في مسقط وصنعاء إلى مبعوث أممي انتهت ولايته وسيغادر في غضون أسابيع، بل ستمنح هذا الإنجاز للمبعوث السوبر الذي لم يسمه مجلس الأمن الدولي حتى اللحظة، على الرغم من كل التوقعات التي تشير إلى أنه سيكون بريطاني الجنسية كسلفه مارتن غريفيث.
فشل أسلوب المساومة الذي لجأ إليه غريفيث مع الأطراف اليمنية في تحقيق أي تقدم خلال 3 أعوام و3 أشهر قضاها في جولات مكوكية عقيمة، ومن المقرر أن يقدم اليوم الثلاثاء، آخر إحاطة له أمام مجلس الأمن، بعد تنفيذ زيارات وداعية إلى إيران والكويت خلال الأسبوع الماضي، على أن يسلم الراية لخلفه السوبر الذي سينزل إلى الميدان لاقتناص الهدف الذهبي، كورقة رابحة للمجتمع الدولي الذي يبدو أنه قد تعلّم الدرس جيداً ولا يريد مبعوثاً جديداً يبدأ من مربع الصفر.
عقب تسمية المبعوث الأممي الجديد، والتي من المرجح أن تتم في جلسة اليوم، وتعيين سفراء جدد للولايات المتحدة وبريطانيا لدى اليمن، قد يشهد الملف اليمني زخماً دبلوماسياً واسعاً ينهي حالة الجمود التي هيمنت على المشهد طيلة الفترة الماضية، وظلت معها الأزمة تدور في حلقة مفرغة.
حل الأزمة اليمنية لا يكون بتلبية الشروط الحوثية أو السعودية، بل بحلول شافية يلمسها الشارع اليمني، بدءاً من وقف الحرب الاقتصادية التي يكتوي المواطن بنارها، ورفع الحظر والحصار عن المنافذ والمدن وخصوصاً تعز، وقبل ذلك تبادل شامل لجميع الأسرى والمعتقلين والمخفيين قسرياً.
الحل المتزامن لكافة الملفات الإنسانية والاقتصادية والعسكرية وتحديداً وقف الهجمات العدائية الحوثية على مدينة مأرب، هو المعيار الحقيقي لنوايا المجتمع الدولي، أما اللجوء إلى تقسيط الحلول، فلا يعني سوى أنّ هناك اتفاقاً بين المجتمع الدولي وأطراف النزاع على استمرار المتاجرة بمعاناة اليمنيين.