هكذا دمر الحوثيون جامعات اليمن.. منع الإختلاط والأغاني وتغيير المناهج وتحشيد للجبهات

أيلول/سبتمبر 27, 2021

 يشكو طلاب وطالبات اليمن من مضايقات متكررة وملاحقات يقوم بها الحوثيون في الجامعات الخاضعة لسيطرتهم، خصوصا جامعة صنعاء.

ومنذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء قبل نحو 7 سنوات، فرض الحوثيون نمطا فكريا محددا على الطلاب والطالبات، وسط شكاوى متكررة من القمع الفكري وغياب الحقوق والحريات.

ويفرض الحوثيون منع الاختلاط بين الطلاب والطالبات في الجامعات والمعاهد والمدارس وجميع المرافق التعليمية، بطريقة غير معهودة في تاريخ البلاد.

وإلى جانب ذلك، فرض الحوثيون تغييرات في المناهج الدراسية سواء في الجامعات أو المدارس، وقاموا بإضافة مواد تروج لفكرهم وتحث على ما يسمى “الجهاد ضد العدوان” في إشارة إلى الالتحاق بجبهات القتال ضد القوات الحكومية المسنودة بالتحالف العربي بقيادة السعودية.

وسبق أن سقط قتلى وجرحى كثر من طلاب الجامعات في المناطق الواقعة تحت سلطة الحوثيين، بعد أن قاتلوا في صفوف الجماعة.

واتسعت رقعة المضايقات بحق الطلاب والطالبات، ووصلت إلى منع الأغاني في حفلات التخرّج في بعض الأوقات، وفرض رقابة صارمة للحدّ من الاختلاط، وسط حالة سخط كبير من اليمنيين.

نشر فكر الجماعة

منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في 2014 ووضع يدها على وزارة التربية والتعليم عمدت جماعة الحوثي إلى القيام بتعديلات جوهرية في مناهج التعليم باعتماد مناهج تستند إلى مؤسس الجماعة حسين بدرالدين الحوثي.

وقامت باستبدال الكثير من مدراء المدارس والمعلمين بموالين لها يحملون أيديولوجية الجماعة في خطوة لجعل التعليم طائفيا.

وعمد الحوثيون إلى تحوير القضايا التاريخية والدينية وفق وجهة نظرهم المذهبية الشيعية، إلى جانب استبدال الأسماء التاريخية والدينية بشكل كامل وإضافة أسماء ذات طابع خاص بالنسبة إليهم، مثل إلغاء صالح واستبداله بحسين في مقررات اللغة العربية، بل إن الأمر تجاوز ذلك إلى تغيير الصور في مناهج القراءة ووضع صورة تجسد شخصية حسين الحوثي مؤسس الجماعة.

هدى من بين الآلاف من الطالبات اللواتي تعرضن لانتهاكات لم تخرج إلى الرأي العام بسبب الخوف من انتقام الحوثيين الذين يفرضون واقعا حقوقيا بلا حقوق.

وتنتشر عناصر الحوثي بشكل كبير في مرافق الجامعات والأحياء، وأحيانا تمارس أعمال التفتيش وتوقيف البعض دون أسباب واضحة، كما يقول بعض السكان.

تضييق وتطرف

وتقول الشابة منى، وهي طالبة في جامعة صنعاء، أكبر الجامعات الحكومية باليمن، “إن هناك مضايقات مستمرة يقوم بها الحوثيون في مختلف كليات الجامعة، وفي الجامعات الخاصة الأخرى الواقعة تحت نفوذهم”.

وذكرت أن هناك تشديدات وانتشارا أمنيا مكثفا من قبل عناصر الحوثيين في جامعة صنعاء، وكأنها تحولت إلى معسكر وليست صرحا أكاديميا يفترض أن يكون بعيدا عن المظاهر المسلحة.

وأفادت بأنه “تم نشر كاميرات مراقبة خلال الفترة الأخيرة، في قاعات التدريس والممرات بالجامعة، في إطار مضايقة الطلاب ومنع اختلاط الطلاب والطالبات”.

وشكت من تغييرات قام بها الحوثيون في المنهج الدراسي الجامعي، بما يخدم سياساتهم العسكرية والتوسعية.

وتحدثت منى بأن “الحوثيين يحاولون إيصال أفكارهم ومعتقداتهم الدينية عبر الجامعة، بشكل غير معهود من قبل”.

وأشارت إلى أن “بعض الأكاديميين يقومون بالترويج لفكر الحوثيين الشيعي، وكذلك أصدروا مادة دراسية في الجامعة تحت مسمى ‘صراع عربي إسرائيلي’، يتم فيها الترويج لأفكارهم ومعتقداتهم”.

تغيير المناهج

وعملت ميليشيات الحوثي على إجهاض التعليم منذ انقلابها على الدولة، وإحلال معلمين من قبلها في العديد من المدارس في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها. كما تقوم بإلزام الطلاب بتلقي محاضراتها الطائفية بصورة أسبوعية وفرض ترديد “الصرخة” في طابور الصباح، إلا أن الكثير من الطلاب يرفضون التعاطي مع هذه الأفكار.

وكان مايكل آرون سفير المملكة المتحدة في اليمن قد حذر في تصريح سابق من أن الحوثيين والنفوذ الإيراني سيعيدان تشكيل المجتمع اليمني.

ولفت آرون الذي شغل منصب السفير منذ أوائل 2018 وحتى يوليو 2020، إلى أن الحوثيين يغيرون المجتمع اليمني والمناهج الدراسية في المدارس، ويسيطرون على الجامعات ويغيرونها، ويرسلون الطلاب للدراسة في قم بإيران.

ومع كل عام دراسي جديد، يعيد وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية معمر الأرياني، تحذيرات حكومته من أن جماعة الحوثي تمارس “عبثا خطيرا” بالمناهج الدراسية في مناطق سيطرتها.

ونشر الإرياني تغريدات عدة في حسابه الرسمي على موقع تويتر أغسطس الماضي، بعد أن تداول رواد منصات التواصل الاجتماعي صورة لكتاب مادة التربية الوطنية للصف الثامن، ظهر على غلافه مسلحان اثنان يحملان صواريخ موجهة، ورسم لوجه حسن الملصي، وهو قيادي حوثي أعلنت السعودية قتله مع عدد من الجنود المرافقين له في 2016 أثناء محاولة للتسلل داخل حدودها في 2016.

وغرد الإرياني الذي نشر صورة لغلاف الكتاب “استمرار ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران في العبث بالمناهج التعليمية لمختلف المراحل الدراسية، ومساعيها في تزييف وعي الأجيال القادمة، وتعبئتهم بالأفكار الطائفية الدخيلة على بلادنا ومجتمعنا، تهديد خطير للسلم الأهلي والنسيج الاجتماعي، ونسف لفرص الحوار وإحلال السلام والتعايش بين اليمنيين”.

خطة محكمة

ومن جهته يرى المحلل والكاتب السياسي اليمني صلاح نعمان الأغبري، أن ما يفعله الحوثيون ليس “عبثا” بل خطة محكمة، مضيفا “تلك الميليشيات تعلم ما تفعل وهي تسير وفق خطة ممنهجة تهدف إلى خلق جيل يمني مشبع بالأفكار الطائفية والإرهابية والموالية لإيران وفي نفس الوقت يعادي أمته العربية التي تشكل عمقه وأمنه القومي”.

وأعلنت ميليشيات الحوثي عن عزمها إجراء المزيد من التعديلات في المناهج الدراسية والجامعية لتغيير الهوية الوطنية، وتثبيت الهوية الحوثية في المناهج.

وكانت وزارة التربية والتعليم الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي في صنعاء، قد أصدرت طبعة جديدة من الكتاب المدرسي حمل تغييرات جوهرية في المضامين، وفق الفكر الطائفي للجماعة الحوثية. وشملت التغييرات على الكتاب المدرسي مواد التربية الإسلامية، والتربية الوطنية، خصوصا لطلاب الابتدائية، إذ تم تضمين هذه المقررات أفكارا مستوردة من إيران. وتضمنت مواد تمجّد الميليشيات وزعيمها، وصورا ونصوصا تتعلق بسيرة مؤسس الميليشيات الحوثية، حسين الحوثي.

وأكد تربويون أن الميليشيات أسست مدارس ومؤسسات جديدة في صعدة لنشر أيديولوجيتها بين الطلاب الشباب والمجتمع بشكل عام، مع تعزيز الفكر الأيديولوجي الإيراني.
انتهاكات

الشابة هدى طالبة في جامعة صنعاء تشكو من انتهاكات الحوثيين وممارسة العديد من المضايقات من قبل عناصر الجماعة المسلحة المدعومة من إيران.

وقالت لوكالة الأنباء الألمانية إن “العديد من الطالبات تعرضن لمضايقات متكررة من قبل الحوثيين في جامعة صنعاء وفي المدارس والمعاهد”.

وأشارت إلى أنها في إحدى المرات تم توقيفها في ساحة الجامعة من قبل الحوثيين هي وعدد من زملائها، بسبب الاختلاط.

وتابعت “كنت حينها أنا وزملائي نمارس نشاطا عمليا في إحدى مواد الدراسة، لكن كانت تتم مراقبتنا من قبل مسلحي الحوثي، وكأننا مجرمون، والسبب أننا كنا ذكورا وإناثا مع بعض”.

وأردفت “تدخل وقتها أحد حراس الجامعة غير المنتمين إلى جماعة الحوثي، وقال لهم هؤلاء بناتي، وإلا كان سيتم اعتقالنا بعد أن قال المسلحون لنا، أنتم تقومون بعمل مشبوه”.

مايكل آرون: الحوثيون يغيّرون المناهج ويسيطرون على الجامعات

وأفادت بأن “طالبات الجامعة يتعرضن أحيانا للتنمّر والاعتداء اللفظي من قبل عناصر حوثية، وأحيانا تتم السخرية منهن، ومطالبتهن بالبقاء في المنازل”.

وتعاني مختلف فئات المجتمع من قمع الحوثيين، بما في ذلك الطلاب والطالبات في الجامعات والمدارس.

واتهم الأحمدي جماعة الحوثي بأنها حولت المناطق الخاضعة لها إلى سجن كبير، دون أدنى حقوق.

ولفت إلى أن الطلاب يعانون من مضايقات جسدية ونفسية وفكرية من قبل جماعة الحوثي التي تسعى إلى فرض أفكارها بالقوة، دون اعتبار للقانون الدولي ولوائحه.

وذكر الأحمدي أن طلابا تعرضوا لاختطاف من قبل الحوثيين بسبب آراء معارضة تم نشرها في مواقع التواصل، إضافة إلى تعرض طالبات إلى انتهاكات لم تحدث من قبل، مثل السجن والضرب وتشويه السمعة.

أرقام مخيفة

وسلط تقرير حقوقي حديث الضوء على انتهاكات ميليشيا الحوثي لقطاع التعليم، وآثار الحرب على العملية التعليمية في اليمن، خلال خمس سنوات مضت.

وأصدر “المركز الأميركي للعدالة”، تقريرا حمل عنوان “الجريمة المنسية”، يرصد فيه آثار الحرب على قطاع التعليم في اليمن من 2014 إلى 2020، والانتهاكات التي طالت العملية التعليمية والأضرار المادية والبشرية التي لحقت بها.

وقال التقرير إن “أكثر من 170 ألف معلم ومعلمة يعيشون في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي يعانون من انقطاع مرتباتهم منذ 5 سنوات على الرغم من القدرة المالية للجماعة على صرف مرتباتهم إلا أنها تستغل هذا الجانب الإنساني في مقايضات سياسية”.

ورصد مقتل 1579 معلما و2624 حالة إصابة منذ سبتمبر 2014، تتحمّل ميليشيا الحوثي مسؤولية 80 في المئة منها، إضافة إلى 621 حالة اعتقال و36 حالة إخفاء قسري و142 حالة تهجير قسري لمعلمين تتحمل ميليشيا الحوثي مسؤولية ما نسبته 70 في المئة من هذه الانتهاكات.

وأضاف أنه رصد في محافظة تعز وحدها 280 حالة قتل واغتيال على يد ميليشيا الحوثي، إضافة إلى 180 حالة اختطاف وإخفاء قسري، إضافة إلى 16 واقعة اغتيال لمعلمين بمحافظة عدن الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي.

وذكر التقرير أنه وثق قيام ميليشيا الحوثي بتفجير 21 مدرسة وتحويل 14 مدرسة إلى ثكنات وسجون عسكرية، إضافة إلى توثيق تجنيد 211 طفلا دون سن الـ15 قامت بها ميليشيا الحوثي في محافظتي صنعاء وعمران خلال العام الماضي فقط.

وأكد قيام جماعة الحوثي بتجنيد عدد 57 طفلا من طلاب مدرسة واحدة هي مدرسة العلم والإيمان بمديرية بني حشيش شرق محافظة صنعاء، وقد قتلوا جميعهم في جبهات القتال.

Additional Info

  • المصدر: تعز تايم - غرفة الأخبار
Rate this item
(0 votes)
LogoWhitre.png
جميع الحقوق محفوظة © 2021 لموقع تعز تايم

Design & Developed by Digitmpro