ومنذ بداية فبراير/ شباط الماضي، كثف الحوثيون هجماتهم في مأرب بهدف بسط نفوذهم عليها، كونها أهم معاقل الحكومة والمقر الرئيسي لوزارة الدفاع، فضلا عن تمتعها بثروات النفط والغاز، ومحطة مأرب الغازية التي كانت قبل الحرب تغذي معظم المحافظات بالكهرباء.
ومنذ أيام، ازداد اهتمام الشارع اليمني بشكل كبير، بتطورات الأوضاع في مأرب، وسط تباين في وجهات النظر بخصوص مستقبل المحافظة، التي تحوي أحد أكبر التجمعات السكانية في البلاد.
وجاء هذا الاهتمام منقسما بين مخاوف كبيرة من قبل بعض أنصار الحكومة خشية إسقاط مأرب، فيما آخرون يستبعدون سيطرة الحوثيين عليها، وأن "القوات الحكومية ستواصل مواجهة الجماعة حتى النصر".
وتقول المصادر العسكرية الحكومية، إن قوات الجيش ما تزال تتواجد في مناطق في مديريات "صرواح" و"الجوبة" و"رغوان"، وأن الحوثيين لا يسيطرون على كامل هذه المديريات.
اتهامات للحكومة والتحالف
خلال الأيام الماضية، استطاع الحوثيون السيطرة على مديرية "جبل مراد" ومعظم مديرية "الجوبة" المجاورة، جنوبي مأرب، ما أثار مخاوف لدى المكونات المؤيدة للحكومة في المحافظة.
وفي تطور سياسي لافت، اتهمت مكونات سياسية، مساء الإثنين، الحكومة والتحالف العربي بخذلان محافظة مأرب، والفشل في إدارة المعركة ضد الحوثيين.
وأبرز هذه المكونات "المؤتمر الشعبي العام" ، و"التجمع اليمني للإصلاح" والحزب "الاشتراكي اليمني"، و"التنظيم الناصري".
وعبرت المكونات في بيان، "عن استغرابها الشديد لأداء التحالف العربي وسوء إدارته للمهمة التي أنيطت به".
ورأت أن "قيادة الحكومة الشرعية فشلت فشلا ذريعا في مسؤولياتها على مختلف الأصعدة سياسيا وعسكريا واقتصاديا وإعلاميا ما انعكس سلبا على مشروع المقاومة لإسقاط الانقلاب (الحوثي) واستعادة الجمهورية".
وهذا الموقف هو الأول من نوعه لمكونات سياسية مشاركة في الحكومة، وتتمتع بعلاقات وثيقة مع التحالف العربي بقيادة السعودية.
وأثار البيان، اهتماما كبيرا في اليمن، حيث اعتبره كثيرون بأنه شخص المشكلة الميدانية بشكل واضح ودقيق، فيما ذهب آخرون إلى اتهام المكونات السياسية نفسها بأنها هي ضمن أسباب الفشل.
وقال السياسي اليمني صالح سميع، المعين من قبل الحكومة، محافظا لمحافظة المحويت (شمال)، إن البيان "جامع لكل القوى السياسية الحقيقية ذات التأثير الشعبي في بلادنا من المهرة (أقصى الشرق) حتى صعدة (أقصى الشمال)".
وأضاف في حسابه على "تويتر"، أن البيان "كاشف لضعف أداء السلطة التنفيذية بجناحيها الحكومي والرئاسي ولحلفائنا (التحالف العربي) في مواجهة إيران وأداتها المحلية (جماعة الحوثي)".
سقوط مأرب
مع استمرار تقدم الحوثيين ميدانيا، ثمة من يستبعد إسقاط مدينة مأرب الحيوية في يد الجماعة.
وتحوي المدينة أكثر من مليوني نازح، فيما شهدت خلال السنوات الماضية تنمية نسبية غير معهودة منذ عقود.
وقال مصدر عسكري حكومي، مطلع على الوضع الميداني، إن "مدينة مأرب محمية بأبنائها ومقاتليها".
وأضاف طالبا عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، إن "إسقاط مدينة مأرب أو حقولها النفطية أمر مستبعد تماما".
وأردف: "صحيح تقدم الحوثيون في عدة مديريات، لكن مدينة مأرب وحقول النفط محاطة بتحصينات دفاعية كبيرة عصية على الحوثيين".
وتابع: "في حال أراد الحوثيون السيطرة على حقول النفط، فالأمر يستوجب منهم الدخول في صحراء مكشوفة، ما سيجعلهم فريسة سهلة لقوات الحكومة وطيران التحالف، ما يجعل تقدمهم مستبعدا، غير المناطق الجبلية التي سيطروا عليها كونهم لديهم خبرة في القتال عبر الجبال والتلال، التي يوجد فيها تحصينات".
ربح حوثي
بدوره، ذكر الكاتب السياسي يعقوب العتواني، إن "المواجهات الدائرة في مأرب منذ أشهر هي الأشرس والأكثر دموية منذ بداية الحرب اليمنية ، وهو ما تدل عليه الإحصائيات المتداولة".
وأضاف المتحدث: "الحوثيون ينزفون أكثر، لكنهم في الوقت ذاته يربحون أرضا أوسع في مأرب، والسبب عائد إلى امتلاكهم تسليحا أفضل وتنظيما أكثر تماسكا".
وتابع: "في المقابل تحجم السعودية عن استخدام إمكانياتها في دعم الجيش الحكومي والقبائل، وتقصر تدخلها على الطيران وحده، وهو ما لا يفلح في ردع الحوثيين كما توضح خارطة المواجهات المتغيرة".
وزاد: "المستقبل في مأرب مفتوح على أكثر من احتمال، فكما أن سقوط المدينة في يد الحوثيين غير مستبعد، إلا أن إمكانية صمود المدينة حاضرة بشكل كبير، خصوصا في ظل استحالة فرض حصار كامل عليها من قبل الحوثيين، وهي ميزة جغرافية وعسكرية".