وكان العميد قحطان قبل تعيينه يشغل منصب قائد لواء الدفاع الساحلي، الذي يتبع ما يعرف بـ"قوات النخبة الحضرمية" التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، بقرار صدر العام الماضي، وأنشئت هذه القوات بدعم إماراتي ضمن جهودها لتشكيل قوات تدين بالولاء لها في مناطق جنوب وشرق اليمن.
ويأتي تعيين العميد قحطان بالتزامن مع تحركات للقوى المدعومة من الإمارات تهدف للتقدم والسيطرة على مديريات وادي وصحراء حضرموت الغنية بالنفط، خصوصاً عقب إحكام القوات الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي سيطرتها على مدينة عتق، مركز محافظة شبوة، بعد معارك مع قوات الجيش والأمن بالمحافظة منتصف الأسبوع الماضي.
وقد أشرف قحطان في العام 2021 على إنشاء معسكر بمنطقة عقبة عجزر على تخوم مديريات وادي حضرموت، بالتزامن مع تصاعد دعوات الانتقالي لطرد قوات المنطقة العسكرية الأولى، التي يعتبرها التيار المتبني انفصالَ جنوب اليمن، "قوات احتلال" كونها من ألوية الجيش اليمني الذي يضم أفراداً وضباطاً من مختلف أنحاء البلاد.
واعتبر الكاتب والباحث اليمني مصطفى الجبزي، القرار إيجابياً من الناحية الإدارية، فهو "يحد من تراكم السلطات، وهذا إداريا جيد، إذ لا يمكن لشخص أن يجمع سلطات عديدة مختلفة المستويات".
من جهته، قال الصحافي كمال السلامي إن "تعيين فائز التميمي (أي العميد قحطان) قائدا للمنطقة الثانية خطوة واحدة من جملة خطوات تهدف لإعادة تموضع القوات وفق خطة، هدفها النهائي دفع القوات المسلحة اليمنية إلى خارج المحافظات الجنوبية والجنوبية الشرقية، على أن تحل محلها قوات بديلة تعتنق عقيدة الانفصال، والمحصلة تهيئة الوضع لفرض الانفصال كتحصيل حاصل".
وتابع: "باعتقادي أن قرار تعيينه في المنطقة الثانية ما هو إلا تمهيد لتعيين قائد للمنطقة الأولى، وبما يضمن إدخال قوات موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي إلى الوادي تحت مسمى قوات دفاع حضرموت، وفعلاً، الانتقالي شرع بعملية التجنيد لهذه المهمة، وقد أعلن ذلك سابقا"، في إشارة الى المعسكر الذي أنشأه قحطان العام الماضي، إضافة إلى إعلان كيان موال للانتقالي عن بدء عملية لتجنيد 25 ألف مسلح بحجة تأمين مديريات الوادي، منتصف يناير/كانون الثاني من العام الحالي.
وقال الصحافي السلامي إن "المجلس الرئاسي، بقصد أو من دون قصد، يقوم بمهمة خطيرة للغاية، تتمثل في تمكين الانتقالي عسكريا وسياسيا تحت لافتة الشراكة والتوافق، وحتى هو لن ينجو من نتائج هذه المهمة الخطرة التي يسير فيها". وبالتزامن مع انتهاء معركة شبوة وتعيين قحطان في قيادة المنطقة الثانية، بدأت وسائل إعلام، بعضها تابع للانتقالي الجنوبي، بمطالبة مجلس الرئاسة بتعيين قائد للمنطقة العسكرية الأولى، التي تتهم القيادة الحالية لها بالانتماء لحزب الإصلاح.
ووجه محافظ حضرموت المعين أخيراً مبخوت بن ماضي، أمس السبت، من سماهم "أبناء المحافظة الذين استحدثوا نقاطاً عسكرية جديدة بوادي حضرموت، بسرعة رفعها حفاظاً على النسيج الاجتماعي وتغليب المصلحة العامة لحضرموت".
وتتكرر النقاط التي تستحدثها جهات قبلية في مناطق وادي حضرموت خلال السنوات الأخيرة لتحقيق مطالب خاصة بها، ثم تُرفع بعد دخول وساطات وتنفيذ الجهات الحكومية مطالب المتقطعين. والأسبوع الماضي، استحدثت نقطة شعبية على طريق عام بمديرية ساه، يتزعمها الشيخ صالح بن حريز قائد "الهبة الحضرمية"، وهي كيان شعبي نفذ اعتصاماً مطلع العام في المكلا للمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية لأبناء المحافظة.
وكالعادة، كان الغرض من هذه الخطوة مطلبياً، وقالت الهبة إن هدفها الضغط على السلطات من أجل تنظيم وترتيب توزيع الديزل المدعوم من السعودية لتشغيل الكهرباء تزامناً مع موسم الصيف الحار في المحافظة الساحلية، لكن يخشى من توتر الأجواء بعد بيان المحافظ، بما يعطي مبرراً لتدخل القوات الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي والسيطرة على المديرية، وفقاً لمراقبين.
وتقع المنطقة الأولى في موقع استراتيجي إلى الشمال من حضرموت، وتسيطر على مديريات الوادي والصحراء الشاسعة "سيئون، تريم، شبام، ساه، السوم، القطن، حورة، حريضة، عمد، العبر، ثمود"، والتي تعد من أهم المناطق النفطية في البلاد، وفيها ميناء الوديعة البري، المنفذ الوحيد الذي يربط اليمن بالسعودية خلال سنوات الحرب.
الصحافي السلامي قال إن هدف الانتقالي الجنوبي ومَن وراءه حالياً "نشر قوات موالية لهم في أبين، ووادي حضرموت ثم المهرة، وبذلك يصبح الانفصال واقع ميدانيا، والمجلس الرئاسي مجرد ضيف في عدن، ومأرب مطوقة من الجهتين".
وفي الوقت الذي نشرت فيه وسائل إعلام ونشطاء تابعون لحلفاء الإمارات أن قادة عسكريين وأمنيين من محافظة أبين، من بينهم العميد لؤي الزامكي قائد اللواء الثالث حماية رئاسية التابع لوزارة الدفاع، وصلوا إلى سلطنة عمان، بهدف ما سموه "الترتيب لتفجير الأوضاع ضد قوات الانتقالي في المحافظة"، إلا أن مصدرا عسكريا نفى صحة هذه الشائعات وأكد وجود تلك القيادات في محافظة أبين.
واعتبر المصدر، أن الترويج لما وصفه بـ"الشائعات إفصاح عن المخطط المستقبلي للانتقالي ومن يقف خلفه من الحلفاء، وهذا ما سيجعل أي حديث مستقبلي عن توحيد قوى المواجهة أمر غاية في السخرية".
وتسيطر قوات الانتقالي على مدينة زنجبار، مركز محافظة أبين، إضافة إلى مدينة جعار مركز مديرية خنفر، بالإضافة إلى مديريات رصد وسرار وسبّاح، وهي مناطق تتبع لقبيلة يافع، فيما تسيطر القوات الحكومية، إلى جهة الشرق، على بلدة شقرة الساحلية وموقع "قرن الكلاسي"، إضافة الى سلسلة جبال العرقوب القريبة من شقرة، وكذا مديريات المنطقة الوسطى "لودر، مودية، الوضيع، جيشان" مع تداخل في مناطق السيطرة مع قوات الانتقالي في مديريات المحفد وأحور.
تقرير خاص - العربي الجديد