تقرير يكشف استحواذ أدوات الإمارات على كل قرارات الحكومة ومجلس الرئاسة في اليمن

كانون2/يناير 22, 2023


دخلت العلاقة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي  المدعوم من السعودية والإمارات منعطفا خطيرا، بعد تصاعد عمليات التضييق التي يمارسها حلفاء الإمارات على مؤسسات الدولة في العاصمة المؤقتة عدن من جهة، والاستغلال السياسي من جهة أخرى.


ومنذ منتصف الأسبوع الماضي، صعّد المجلس الانتقالي ومليشياته الانفصالية من ممارساته ضد الحكومة ومؤسسات الدولة، في مواقف أعادت إلى الأذهان قرار الإدارة الذاتية، التي أعلن بموجبها الانفصاليون حكم عدن، في الـ25 من إبريل 2020، قبل أن يتراجعوا عن ذلك أواخر يوليو من العام ذاته.


وخلافا للاعتراض الرسمي على قرارات مجلس الوزراء القاضية برفع سعر الدولار الجمركي، بدأ المجلس الانتقالي يمارس الوصاية الكاملة على عدن دون الاكتراث بالشراكة الوهمية مع باقي الأحزاب والمكونات اليمنية في الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

- انفصام ومواقف غامضة

رغم تشكيل مجلس القيادة، والاستقرار النسبي داخل عدن منذ إبريل الماضي، إلا أن الحكومة ظلت مكسورة الجناح، حيث لم يكن بمقدورها تمرير أي قرار دون موافقة كتلة المجلس الانتقالي. وفي المقابل، كان بمقدور تلك الكتلة تمرير ما تريد حتى ولو قوبل برفض من وزراء كافة الكتل الممثلة داخل مجلس الوزراء.
 
في الأزمة الجديدة، حظيت القرارات، التي اتخذتها الحكومة برفع سعر الدولار الجمركي، بموافقة كتلة الانتقالي في مجلس الوزراء، وخلافا لذلك، أبدى عيدروس الزُبيدي رضاه عن تلك القرارات بعد وصولها إلى طاولة مجلس القيادة الرئاسي، وهو ما أثار أكثر من علامة استفهام حول الرفض الذي أبداه حلفاء الإمارات للقرارات الحكومية.


مع صدور مواقف شعبية رافضة للقرارات الحكومية، سارع المجلس الانتقالي للتنصل منها، وتبرئة نفسه من الضلوع فيها، حيث أعلنت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي، الأربعاء الماضي، اعتراضها على ما وصفتها بـ"القرارات غير المدروسة" للحكومة، وفوق ذلك لوّحت باتخاذ خيارات، لم تفصح عنها.


لم تكن هذه المرة الأولى التي يظهر بها المجلس الانتقالي بهذا الشكل من الانفصام السياسي المريب والمواقف المتناقضة، حيث لجأ في مناسبات مختلفة إلى استثمار وجوده داخل الحكومة لتحقيق مكاسب سياسية حتى ولو كان ذلك عبر طعنات غادرة للمظلة التي منحته الشرعية.


كرّس الانتقالي تمثيله داخل الحكومة، لتسجيل نقاط ضدها في الخارج، وخلال الفترة الماضية، كان حلفاء الإمارات يستثمرون الملفات الاقتصادية والخدمية التي يتم استعراضها وإقرارها داخل مجلس الوزراء، ويقومون بعد ذلك بطرحها مجددا على جدول أعمال هيئة رئاسة الانتقالي، الكيان السياسي الخاص بهم، من أجل تبني القرارات المتخذة حكوميا في وسائل إعلامهم، باعتبارها من بنات أفكارهم فقط أو بموجب توصياتهم.


خلافا لمحاولات تخدير الشارع الجنوبي بمواقف إعلامية مكررة، يهدف المجلس الانتقالي من وراء هذا الانفصام السياسي إلى ممارسة الوصاية على الحكومة، وايهام قواعده الجماهيرية بأن المعالجات الحكومية التي تتم لم تكن سوى تنفيذ للمطالب التي أعلنها عبر هيئة رئاسة المجلس.


كشف مصدر مطلع أن المزايدة، التي يمارسها المجلس الانتقالي من داخل الحكومة نفسها، تفاقمت منذ أغسطس الماضي، وقال إن الصمت الحكومي، وعدم الاعتراض على ما تم سابقا، جعلهم يتمادون ويسعون إلى التحريض على بعض أعضاء مجلس الوزراء فقط أمام الناس، في إشارة إلى الإعلان الخاص برفض قرار رفع سعر الدولار الجمركي.


وأضاف: "هناك ملفات رئيسية تُستخدم للمزايدة. ففي الصيف الماضي، كان المجلس الانتقالي يصدر بيانا رسميا يحذِّر فيه من خروج محطات الكهرباء عن الخدمة، ويدعو الحكومة إلى معالجة الأزمة فورا، في وقت كان المجلس يعرف أن سفينة المازوت الحكومية قد أنهت إفراغ حمولتها لمحطة الكهرباء، وأن الأزمة انتهت".


ولا يتوقف الانفصام ومحاولات تسجيل النقاط السياسية حول ملف الكهرباء، وفي مناسبات مختلفة، كانت كتلة المجلس الانتقالي في مجلس الوزراء توافق مع باقي الكتل على حزمة قرارات لكبح الانهيار الاقتصادي، وتردي سعر الريال اليمني، وسرعان ما تكون القرارات الحكومية مادة رئيسية لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي، التي تقوم بتطويرها وإخراجها على شكل إملاءات يجب على الحكومة تنفيذها.

- إدارة ذاتية غير معلنة

يبدو أن الاستسلام الحكومي غير المسبوق قد جعل المجلس الانتقالي يطمح مجددا لإعادة تطبيق الإدارة الذاتية، وحكم العاصمة المؤقتة عدن، ولكن بشكل غير رسمي، بما يضمن له الاستمرار بالتواجد في جسد الشرعية، وعدم الظهور ككيان مسلح متمرد.


وباستثناء البنك المركزي، وبعض مساحات قصر معاشيق الرئاسي، تخضع عدن بالفعل لسيطرة المليشيات الانفصالية المدعومة من السعودية والإمارات، حيث باتت ما تسمى بـ"ألوية العاصفة"، هي القوة الضاربة التي تُحكم قبضتها على غالبية المواقع الحساسة داخل العاصمة المؤقتة.


وخلافا للارتباك والفشل الذريع، الذي حصده عقب إعلان الإدارة الذاتية أواخر إبريل 2020، يبدو المجلس الانتقالي مكتسبا لخبرة أكثر في التعاطي مع الوضع وإدارة عدن، مستفيدا من تجربة خاضها 5 وزراء في الحكومة، فضلا عن محافظ عدن - وزير الدولة، ثم بعد ذلك التمثيل المهم في مجلس الرئاسة.


وقالت مصادر محلية ورسمية إن الوضع الآن على الأرض هو أسوأ مما كان عليه لحظة إعلان الإدارة الذاتية، حيث حالة الطوارئ الأمنية قائمة بشكل أكبر مما كانت عليه.


وأشارت المصادر إلى أن المجلس الانتقالي بات مؤخرا يتدخل بمهام وصلاحيات كافة الوزارات والمؤسسات، حيث أصدر قرارات لمؤسسات الدولة تقضي بعدم إقامة أي ندوات أو أنشطة داخل عدن، دون موافقة مسبقة من رئيس المجلس الانتقالي، عيدروس الزُبيدي.


ومن الواضح أن المجلس الانتقالي لا يكثرث بمسألة الحليف غير المؤتمن داخل الشرعية، حيث تنذر هذه التحركات والتحريض الأخير ضد الحكومة ومحاولة تغيير رئيس الوزراء، معين عبدالملك، بسيناريوهات شبيهة للوضع الذي عاشته عدن قبيل توقيع اتفاق الرياض، عندما طُردت منها الحكومة والرئاسة والمؤسسات العسكرية الرسمية.

Additional Info

  • المصدر: تلفزيون بلقيس
Rate this item
(0 votes)
LogoWhitre.png
جميع الحقوق محفوظة © 2021 لموقع تعز تايم

Design & Developed by Digitmpro