أطلق العالقون اليمنيون في السودان نداء استغاثة للعالم الخارجي لإجلائهم إلى خارج السودان بشكل عاجل، جرَّاء الأزمة الإنسانية التي وقعوا فيها نتيجة الاقتتال الدامي بين الجيش السوداني وقوات التدخل السريع في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى، منذ 15 أبريل الماضي، والتي أسفرت عن مقتل العشرات مِن المدنيين السودانيين، وأزمة إنسانية شملت كافة المقيمين في السودان.
وقد اضطر العالقون اليمنيون في العاصمة الخرطوم وبورت سودان إلى إطلاق حملة إعلامية واسعة، الجمعة 5 مايو الجاري، لإيصال صوتهم إلى العالم الخارجي، لإغاثتهم مِن الوضع الإنساني الكارثي الذي انحشروا فيه بالسودان، بعد أن تجاهلت الحكومة اليمنية قضية إجلائهم مِن السودان، حيث وقعوا هناك بين فكَّي كمَّاشة، بين اقتتال دموي عنيف بين الأطراف السودانية المتنازعة، وبين بلدهم الموبوءة بالحرب منذ أكثر مِن ثمان سنوات، والعاجزة عن استقبالهم.
وجاء هذا النداء العاجل للعالقين اليمنيين في السودان بعد أن واجه الكثير مِنهم ويلات الاقتتال، والتي تسبَّبت في وفاة وإصابة عدد مِنهم، دون أن تحرِّك الحكومة اليمنية ساكنًا تجاه قضيتهم. وكان طاقم السفارة اليمنية في الخرطوم مِن أوائل الهاربين نحو الخارج وفقًا للعديد مِن العالقين اليمنيين.
وفي الوقت الذي قامت فيه المملكة العربية السعودية بإجلاء أكثر مِن (5) آلاف عالق في السودان، وفقا لمصادر رسمية، مِن مواطني نحو (97) جنسية، بحرًا وجوًّا، مِن مدينة بورت سودان الساحلية، على الضفة الغربية للبحر الأحمر، إلى مدينة جدَّة على الضِّفة الشرقية للبحر الأحمر بالسعودية، بينهم أكثر مِن (450) عالق يمني، منذ بداية الحرب السودانية وحتى نهاية أبريل الماضي، بينما لا يزال غياب الحكومة اليمنية عن إجلاء بقية العالقين اليمنيين في السودان هو الطَّاغي حتَّى الآن، والذين يقدَّرون بالآلاف.
وذكر عالقون يمنيون في السودان لـ(مركز المخا) قصصًا مروعة لما تعرَّضوا له خلال فترة الاقتتال بين الفرقاء السودانيين، وقالوا: هربنا مِن ويلات الحرب في بلادنا اليمن بحثًا عن الأمان لنتفاجأ باندلاع الاقتتال الداخلي في السودان، والذي وضعنا في موقف حرج جدًّا، وزاد مِن معاناتنا انعدام جهود الحكومة اليمنية التي غابت عن تقديم كافة الخدمات عنَّا في الخارج.
انعدام التنسيق الحكومي مع السعودية:
وقال الطالب اليمني في مجال الطب، العالق في السودان، حيدر الفقيه، لمركز (المخا): تعرَّضنا للجحيم خلال موجات الاقتتال الداخلي في السودان، وبعد أن تمكَّنَّا مِن الوصول إلى مدينة بورت سودان، مِن أجل إجلاءنا إلى بلادنا، تفاجأنا برفض فرق الإجلاء السعودية إجلاءنا أسوة بزملائنا اليمنيين الذين تمَّ إجلاءهم في السَّابق، في دفعتين عبر البحر إلى مدينة جدَّة، بمبرِّر عدم وجود تواصل وتنسيق مِن قبل السلطات اليمنية معها، في ظلِّ الغياب الكامل لتحرُّكات الحكومة اليمنية في هذا الصدد.
وقال: "مضى علينا أكثر مِن أسبوعين في مدينة بورت سودان في وضع مأساوي، حيث تمَّ إجلاء حوالي 400 يمني فقط مِن السودان، عبر المندوب السعودي هنا، بدون تنسيق أو تدخُّل مِن السفارة اليمنية في الخرطوم، وتفاجأنا بعدها بإيقاف إجلاء اليمنيين بشكل كامل".
وأضاف أنَّ المندوبين السعوديين في بورت سودان قاموا بإجلاء مواطنين مِن كافة الدول العربية والأجنبية، بما في ذلك مواطنين إيرانيين، بينما يرفضون حاليًّا إجلاء المواطنيين اليمنيين العالقين في السودان.
وذكر أنَّ عدد اليمنيين العالقين في بورت سودان يتجاوز (2,500) يمني، حاليًّا، والعدد في تزاياد مستمر مع وصول أعداد جديدة إليها بشكل يومي. ويفترش أغلب المجلون إلى بورت سودان الشوارع لانعدام المأوى، بينما المحظوظين مِنهم مَن وجدوا مكانًا يأويهم في ميناء بورت سودان، أو في صالة مناسبات، قسمت نصفين جزء مِنها خُصِّص للنساء والنصف الآخر للرجال، يفصل بينهما ستار قماشي فقط.
وذكر الفقيه أنَّ العالقين اليمنيين في السودان واجهوا أوضاعًا معيشية صعبة تفوق في صعوبتها ما واجهوه أثناء الحرب في اليمن، وضاعف مِن معاناتهم نفاذ ما لديهم مِن أموال، وصعوبة التحويلات المالية الخارجية والداخلية، بسبب إغلاق البنوك وشركات الصرافة، وانقطاع شبكات الاتصالات.
وأشار إلى تسبُّب الوضع المأساوي للعالقين اليمنيين في السودان في انتشار الأمراض المـُعدية والأوبئة الخطيرة، ووقوع حالات وفاة لعالقين يمنيين، وحالات إجهاض في أوساط الحوامل مِن النساء، بالإضافة إلى الوضع المأساوي الذي يعاني مِنه ذوي الاحتياجات الخاصة، والذين يعانون مِن أمراض مزمنة.
غياب السفارة وحضور اتحاد الطُّلاب:
قال مصدر في اتِّحاد الطُّلاب اليمنيين في السودان لـ(مركز المخا): إنَّ الحكومة اليمنية لم تقدِّم أيَّ جهود تذكر، ولم تقم بأيِّ دور حتى الآن لإجلاء العالقين اليمنيين في السودان، ما عدا تصريحات ووعود لم يتم الوفاء بها، ولا تتَّسق مع حجم المأساة التي يعاني مِنها اليمنيون العالقون هناك.
وكشف أنَّ الطرف السعودي أوقف عملية إجلاء العالقين اليمنيين في السودان نتيجة التقصير لدى الجانب اليمني، والذي يتجلَّى في أنَّ الحكومة اليمنية لم تقدِّم خطة عملية لإجلاء الواصلين للسعودية إلى اليمن أو إلى خارج أراضيها، وفي عدم تجاوب السفارة اليمنية مع جهود الإجلاء السعودية في بورت سودان، حيث لا يوجد أيُّ أثر لجهود عملية للسفارة أو لطاقمها، إلَّا في النادر.
وذكر المصدر أنَّ كافة جهود الإجلاء مِن الخرطوم إلى بورت سودان كانت على عاتق الاتحاد العام للطلاب اليمنيين، وعلى لجنة الطوارئ التي جرى تشكيلها لتنسيق العمل الميداني لنقل اليمنيين مِن مختلف المناطق إلى بورت سودان، ومِنها العمل على ترتيب عمليات إجلاءهم خارجيًّا، حيث تجاوز عدد العالقين في بورت سودان حاليا (2) ألف عالق يمني، في وضع مأساوي.
وأوضح، أنَّ عمليات الانتقال لليمنيين مِن الخرطوم إلى مدينة بورت سودان تمَّت عبر باصات نقل جماعي، بعد الترتيب لها والإعلان عن مواعيد تحرُّكها، بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديد نقاط وأماكن متوسطة للتجمع.
وذكر المصدر أنَّ دور وزارة الخارجية وحضور الحكومة اليمنية عمومًا كان ضعيفًا للغاية، ولم يرق لمستوى حجم الكارثة، حيث لم يكن بالمستوى المطلوب، وكانت التصريحات الرسمية متخبِّطة والالتزامات الحكومية المالية قليلة، ووصل جزء مِنها فقط، وبدى الضَّعف الشديد في إدارة هذه الكارثة واضحًا، ولا يوجد أي تنسيق في إدارة الطوارئ مِن قبل الحكومة اليمنية وسفارتها في الخرطوم.
وأكد أنَّ تقصير أعضاء السفارة اليمنية في الخرطوم كان واضحًا منذ اليوم الأول، حيث حضر الملحق المالي في اليوم الأوَّل، ثمَّ حضر الملحق العسكري، بالإضافة إلى نائب السفير، غير أنَّ حضورهم كان شكليًّا فقط، دون مساهمة عملية في الترتيب لعمليات الإجلاء، وفي محاولة تسريع العمليات الميدانية على أرض الواقع، بينما السفير اليمني كان في السعودية وحضر مؤخَّرًا كـ"ضيف شرف"!، إذ لم يقم بأيِّ دور يذكر.
مساهمة مجتمعية لمساعدة العالقين:
وفي الوقت الذي لم تتكفَّل فيه الحكومة اليمنية إلَّا بتغطية أجور المواصلات إلى مدينة بورت سودان وإيجار قاعة المناسبات في بورت سودان التي تمَّ استئجارها لإيواء اليمنيين، قدَّمت بعض الجهات اليمنية تبرُّعات مالية لإغاثة العالقين اليمنيين، بينها مؤسَّسة الشيخ حمود سعيد المخلافي، التي قدَّمت (100) ألف دولار، ومجموعة شركات هائل سعيد أنعم، التي قدَّمت مساهمة مالية لا بأس بها.
وقال مصدر في اتِّحاد طلاب اليمن: أنَّ العالقين اليمنيين في مدينة بورت سودان يواجهون أوضاعًا بالغة الصعوبة في ظلِّ الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية، وانعدام السيولة المالية، وضعف الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى معاناتهم الكبيرة مِن انعدام الرؤية حيال موعد إجلاءهم مِن السودان، ويقضون ساعاتهم الثقيلة وأيَّامهم المريرة بانتظار ساعة الفرج، وفي حالة ترقُّب دائم لوصول باخرة الإجلاء.
وأشار إلى أنَّه مِن الجهود الميدانية لإنجاح عمليات الإجلاء، تم تشكيل لجنة طوارئ مِن اتِّحاد الطُّلاب للتنسيق مع الجهات الحكومية، وتقديم الجوازات للجنة الإجلاء، وفقًا لأقدمية الوصول إلى بورت سودان، والحالات الإنسانية المستعجلة، حيث جهَّز اتحاد الطُّلاب أكثر مِن (1,900) جواز لتسليمهم للجنة الإجلاء عند موافقتها على إجلاء اليمنيين، مرتَّبة حسب أولوية الوصول إلى بورت سودان، وحسب العوائل والأطفال الذين لهم الأولوية مِن المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، كما تم إقامة مطبخ بتمويل مِن رجال أعمال ومتبرِّعين يمنيين، لتقديم وجبات خفيفة للعالقين اليمنيين.
أزمة كارثية للعالقين اليمنيين:
مِن جانبه ذكر العالق اليمني، أحمد قاسم، أنَّ وضع العالقين اليمنيين حاليًا في بورت سودان متأزِّم جدًّا مِن جميع النواحي، حيث غالب الأسر والطلاب اليمنيين نفدت مدخَّراتهم المالية لطول فترة الانتظار للإجلاء، نتيجة غلاء الأسعار وغياب الخدمات الأساسية، كما انعدمت خدمات التحويلات البنكية والخدمات المصرفية، وانعدمت السيولة النقدية بالعملة المحلية (الجنيه السوداني)، واستغلال الصرَّافين للوضع بشراء العملات الأجنبية بثمن بخس.
وأوضح أنَّ حالات مرضية عديدة بدأت تنتشر في أوساط العالقين اليمنيين في بورت سودان، نتيجة كثرة تكدُّسهم في مكان ضيِّق لا يتَّسع لأعداد كبيرة مثلهم، خصوصًا في أوساط كبار السِّن والأطفال، لعدم القدرة المالية على الحصول على أماكن إيواء مناسبة ومهيئة للسَّكن، وتتضاعف معاناتهم مع مرور الوقت مع زيادة أعدادهم وزيادة الأوضاع سوءًا.
وقال قاسم: إنَّ أعضاء السفارة اليمنية وطاقمها غابوا منذ بداية الأزمة، وغاب دورهم، ولم تقدِّم السفارة اليمنية حاليًّا سوى إيجار الصالة التي يأوي فيها بعض العالقين، بالإضافة إلى تغطية تكاليف الوجبات الغذائية، وقصَّرت السفارة حتى في دفع مستحقَّات الطلاب اليمنيين في السودان، التي لم تصرفها منذ أكثر مِن أربعة شهور.
وأضاف: "صراحة لقد شعرنا بالمهانة أمام الآخرين نتيجة الاستهتار مِن قبل حكومتنا، وشعرنا بخيبة أمل كبيرة، جرَّاء تقصير دولتنا حيال أزمتنا ومعاناتنا في السودان"، موضحًا أنَّ "ما يضاعف الألم أنَّ كلَّ هذه المعاناة التي نواجهها لا لشيء إلَّا لأنَّنا يمنيين لا غير".
وأوضح حيدر الفقيه تفاصيل الوضع المأساوي لليمنيين أثناء المواجهات المسلحة في السودان، بقوله: بداية حوصر اليمنيون في مناطق الاشتباكات بالخرطوم، وانقطع التواصل فيما بينهم، بسبب انقطاع الاتصالات، وعانينا معاناة كبيرة تمثَّلت بتعرُّض حياتنا للخطر، وانقطاع الخدمات الأساسية، كالكهرباء والمياه والاتصالات، وكنَّا لا نستطيع الخروج للشارع بسبب الاشتباكات المسلَّحة التي تسبَّبت في إغلاق كافة الشوارع بشكل كامل، مع جميع المحلات التجارية، وانقطعت عنَّا فرص الحصول على الغذاء والمياه.
وأضاف: "بعد مناشدات كثيرة للحكومة اليمنية، ومرور وقت طويل على ذلك، تمَّ إجلاء بعض اليمنيين مِن الخرطوم، على شكل مجموعات وفرادى إلى ولاية مدني جوار ولاية الخرطوم، والتي تعتبر مكانًا أمنًا نسبيًّاـ ثمَّ نقلوا إلى مدينة بورت سودان بغرض إجلائهم إلى السعودية، ثم إلى اليمن، لكن اتَّضح فيما بعد أنَّه تم استغلال وضعنا إعلاميًّا وأنَّ السعودية لم تنسِّق أصلًا مع الجانب اليمني، وأنَّ لجنة الإجلاء السعودية أصلًا أجلت مواطنين مِن كلِّ الجنسيات، بما فيهم مواطنون يمنيون، بدون تنسيق مع السفارة اليمنية".
تقصير حكومي أضاع فرص الإجلاء:
وأوضح الفقيه أنَّه بعد تمكُّن مجموعة مِن العالقين اليمنيين مِن الفرار مِن الخرطوم إلى بورت سودان تمَّ إجلاؤهم مباشرة عبر اللجنة السعودية للإجلاء، دون تدخُّل السفارة اليمنية، ضمن عملية إجلاء لعدد كبير مِن مواطني بلدان كثيرة بما فيها اليمن، حيث تمَّ إجلاء حوالي (50) عالق يمني فقط في الدُّفعة الأولى، رغم عددهم الكبير.
وأضاف: بعدها استمرَّ تدفُّق العالقين اليمنيين إلى بورت سودان، ولكن السفارة اليمنية في الخرطوم تدخَّلت، وأعلنت أنَّها سوف تجمع الجوازات مِن اليمنيين، وأنَّها ستنسِّق مع الجانب السعودي، مِن أجل إجلاء أبناء الجالية اليمنية دفعة واحدة.
وتابع: وفي إحدى الليالي، طالبت الجهات السُّعودية بجوازات (300) يمني، لإجلائهم، غير أنَّ مندوب السفارة اليمنية أضاع الفرصة، حيث لم يكن موجودًا حينها في ميناء بورت سودان، وكان الموجود مندوب الملحقية العسكرية فقط، فقدِّمت لهم جوازات (50) يمنيًّا، خاصَّة بطلَّاب الكلِّيات الحربية والشُّرطة، وتم إجلاؤهم فورًا، بالإضافة إلى أنَّه تمَّ إجلاء حوالي (100) عالق يمني آخر مِن الذين كانت جوازاتهم بحوزتهم، ولم يسلِّموها للسفارة اليمنية.
وأوضح الفقيه أنَّه حصلت ضجَّة كبيرة عقب ذلك، ووجِّه اللَّوم للسفارة التي اضطرَّت إلى إرجاع جوازات العالقين إليهم بعد أن حجزتها لمدَّة خمسة أيام دون تحقيق شيء يذكر، إذ لم تقم بإجراء المعاملة لهم وتأشير جوازاتهم، ولا هي التي تركت لكلِّ شخص يجري معاملته بنفسه مع الجانب السعودي مباشرة، كبقية العالقين الأوائل.
وقال: "عقب ذلك تفاجأنا أنَّ اللجنة السعودية للإجلاء اعتذرت عن قبول إجلاء المواطنين اليمنيين، واقتصرت عمليَّات الإجلاء عقب ذلك على الجنسيات الأخرى.
وأضاف، أن إلى حدِّ الآن، نحن عالقون في رصيف الميناء في بورت سودان، بالإضافة إلى مجموعة أخرى في صالة مناسبات، دون تلقّي أيِّ موعد محدَّد للإجلاء، أو إيضاح متى سيكون الإجلاء أو حتى توضيح سبب التأخير".
حالات مرضية ووفاة للعالقين:
وأوضح الفقيه أنَّ العالقين اليمنيين يعانون أشدَّ المعاناة في بورت سودان، حيث ينامون بشكل مكتظ بالمئات، في صالة المناسبات، بما في ذلك النِّساء والأطفال، فيما ينام آخرون على أرصفة ميناء بورت سودان، ويعتمدون في الغذاء على الصدقات والإغاثات الإنسانية والأكلات التي توزَّع بالشَّارع.
وقال "إنَّ العالقين مِن الأخوات اليمنيات نالوا الجزء الأكبر مِن المعاناة في بورت سودان، حيث يقبعن في صالة ضيِّقة يفصل بينها وبين الشباب ستار قماشي فقط، ويعانين مع أطفالهم معاناة شديدة، وحصلت حالات إجهاض وحالات ولادة في بورت سودان، بالإضافة إلى وقوع حالة وفاة لإحدى الأخوات العالقات نتيجة الإجهاض، وحالات وفاة أخرى لعائلة يمنية بسبب حوادث السير في الطَّريق إلى بورت سودان".
بيان حكومي للاستهلاك الإعلامي:
وفي محاولة مِنها لامتصاص سخط الشارع اليمني، إزاء تقصيرها في إجلاء العالقين في السودان، قال مصدر حكومي يمني، الجمعة الماضية: إنَّ رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، د. رشاد العليمي، "يتابع عن كثب أوضاع الجالية اليمنية في جمهورية السودان، والإجراءات المنسقة مع الجهات المعنية في الحكومة لتأمين إجلاء كافة الرعايا العالقين في السودان".
وأكَّد المصدر أنَّ رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وأعضاء المجلس، على تواصل دائم مع الحكومة اليمنية، وأجهزتها المعنية بوزارة الخارجية والبعثة الدبلوماسية في الخرطوم، والأشقاء والأصدقاء "الذين تكلَّلت جهودهم في إجلاء المئات مِن أبناء الجالية اليمنية، والترتيب لتدخُّلات إضافية تضمن سلامة جميع الرعايا اليمنيين في الأراضي السودانية".
المصدر لم يشر إلى أيِّ خطوات عملية مقبلة عاجلة لإجلاء الآلاف مِن العالقين اليمنيين في السودان، وهو ما أثار حفيظة العالقين اليمنيين هناك، وكشف عن تعزيز القصور الحكومي اليمني في إجلاءهم، ولم يعدوا هذا التصريح الحكومي إلَّا أن يكون للاستهلاك الإعلامي فحسب.
وطالب العالقون اليمنيون في السودان الحكومة اليمنية بالتحرُّك العاجل لإنقاذهم مِن الوضع المأساوي الذي يعانونه هناك منذ اندلاع المواجهات المسلَّحة في السودان الشهر الماضي، كما ناشدوا المجتمع الدولي لإنقاذهم جرَّاء تقصير حكومة بلادهم، وغياب جهودها الميدانية لإجلائهم مِن السودان، إثر الغياب شبه الكلي للدولة اليمنية، جرَّاء الحرب الدائر في اليمن، منذ ما يزيد عن ثمان سنوات.
وقالوا: يجب على الحكومة اليمنية التحرُّك العاجل لإجلاء العالقين اليمنيين مِن السودان أسوة بمواطني الدُّول الأخرى الذين تمَّ إجلاؤهم بكل سهولة ويسر، وإذا لم تتمكن مِن ذلك فيمكنها الاستعانة بالمجتمع الدولي للقيام بدوره الإنساني في إنقاذ العالقين اليمنيين في السودان.