وركز المؤتمر غلى فتح نافذة على التعقيدات التي تحيط بالأزمة اليمنية، كما يبحث عن صياغة سرديات جديدة يمكن أن تسهم في تقديم رؤية أكثر وضوحا للعالم عن القضية اليمنية وتصحيحها لدى الإعلام الدولي.
كما قدم المؤتمر رؤية لتتبع السرديات الإعلامية المختلفة وتقديم صورة أقرب للواقع.
وأكد رئيس مركز المخا للدراسات، عاتق جارالله أهمية وجود دولة يمنية قادرة على حماية الإنسان والسيادة، معتبرا أن ذلك يصب في مصلحة اليمنيين والمجتمع الدولي على حد سواء.
وأشار جارالله إلى أن التعقيد الذي يعيشه الصراع في اليمن، وانشغال العالم بحروب متوسعة، أحال اليمن إلى خانة المنسيات، وهو ما أثر بعمق على الحياة المعيشية ومستقبل الاستقرار في البلاد.
بدوره، دعا السفير اليمني في تركيا محمد صالح طريق في كلمته إلى صياغة مخرجات المؤتمر بما يعزز جهود الحكومة الشرعية، مؤملا بأن يسهم هذا المؤتمر في توضيح موقف اليمن وسياساته على الساحة الدولية.
وتناول المؤتمر في جلساته عدة أوراق حيث ركزت ورقة “جونتر أرث” على أبعاد متعددة، أبرزها قراءة تاريخية للأحداث اليمنية، وتحليل كيفية رسم الإعلام البريطاني والأمريكي والصيني والروسي صورة اليمن وتأثير ذلك على الوضع في الداخل وخاصة الوضع الإنساني.
وناقشت باقي الأوراق التغطية الإعلامية الفرنسية والتركية للأزمة، والسياسات الأوروبية تجاه الملف اليمني في اليوم الأول من المؤتمر.
في ورقة الإعلام الروسي، قالت الباحثة آنا فاندنسكي إن الإعلام الروسي وتناوله للأزمة في اليمن يعكس مصالح سياسية محددة. وأشارت إلى أن الإعلام الروسي يستغل الأزمة لتشكيل روايات تخدم أطرافًا دولية.
وعن غياب الصورة الإعلامية المكتملة في أوروبا، تحدث إيفانونوف كونستانتين، عضو البرلمان الأوروبي سابقًا، بأن الإعلام يركز على الأزمات الإنسانية فقط ويغفل حقيقة الصراع. وقال إنه يجب تصحيح المعلومات إعلاميًا وبناء صورة متكاملة، بعيدًا عن إعلام الأزمات، للانتقال نحو تعزيز العلاقات والشراكة مع اليمن.
وبحسب الكاتب اليمني البريطاني أنور العنسي، الذي ركز في كلمته على الكوارث الإنسانية في اليمن، وأن القوى العالمية انشغلت عن الوضع الإنساني في اليمن والحرب بشكل عام بسبب الأحداث الإقليمية.
وقال العنسي إنه لا يتوقع أن يحظى الشأن اليمني في بريطانيا والغرب بأكثر من كونه ملفا إنسانيا.
من جانبها أكدت الصحفية الإيطالية سيمونا فرناندير أهمية الاعتماد على مصادر متنوعة، وأنه يجب التركيز على معلومات من منظمات المجتمع المدني، وليس فقط من الإعلام أو الجهات الرسمية، ما قد يمنح رؤية أشمل للوضع وخاصة الذين يحاولون فهم أعمق وأصدق لما يجري في الداخل.
وأشار الصحفي الفرنسي مولر في ورقته إلى أن الإعلام الفرنسي يختزل الصراع اليمني في كونه صراعًا سعوديا/ إيرانيا، في حين أنه أعقد من ذلك بكثير.
وأضاف بأنه تحسين التغطية الإعلامية يتطلب تسهيل دخول الصحفيين الأجانب لليمن، وخفض التكاليف المرتفعة المرتبطة بالتغطية وخاصة في جنوب اليمن.
من جانبه قال الصحفي التركي، محمد راكيب أوغلو، إن اليمن في الإعلام التركي لا يحظى بنفس الاهتمام مقارنة بقضايا مثل فلسطين وسوريا، على الرغم من الدعم الإنساني الذي تقدمه تركيا. أشار إلى أن غياب التحليل الإعلامي العميق يعد عائقًا أمام فهم جذور الأزمة، وأن الدور التركي حاول الابتعاد كثيرًا عن الملف اليمني السياسي
واختتم مؤتمر اليمن في السياسات والسرديات الإعلامية الدولية" أعماله بجملة من التوصيات التي ركزت على أهمية الإعلام كركيزة أساسية لتحقيق السلام، وتعزيز التنمية المستدامة في اليمن.
وأكد المشاركون ضرورة صياغة استراتيجيات إعلامية شاملة تقوم على أسس مهنية وعلمية، بهدف تصحيح الصورة النمطية عن اليمن في المحافل الدولية، وإبراز تنوعه الثقافي وموروثه الحضاري، بما يسهم في إعادة تعريفه كدولة تمتلك مقومات النهوض والاستقرار.