تقرير: تدهور أشجار دم الأخوين في سقطرى يهدد النظام البيئي والاقتصاد المحلي

أيار 20, 2025

في جزيرة سقطرى اليمنية، تُكافح أشجار “دم الأخوين” أو “دم التنين” النادرة، للنجاة من التهديدات المُتزايدة لتغيّر المناخ.

وتشتهر هذه الأشجار التي لا توجد إلا في الجزيرة اليمنية، بمظلّاتها الشبيهة بالفطر، ونسغها الأحمر الدموي الذي يخترق أخشابها.

في الماضي، كانت هذا الأشجار وافرة العدد، لكنّ ارتفاع شدّة الأعاصير ورعي الماعز، والاضطرابات المستمرة في اليمن، عوامل دفعت هذه الأشجار والنظام البيئي الفريد الذي تدعمه، نحو الانهيار.

غالبًا ما تُقارن سقطرى بجزر غالاباغوس، فهي تطفو في عزلة خلابة على بُعد حوالي 240 كيلومترًا من القرن الإفريقي.

ثروة بيولوجية

وتتميّز بثرواتها البيولوجية بما في ذلك 825 نوعًا من النباتات، وأكثر من ثلثها لا يوجد في أي مكان آخر على وجه الأرض. وهو ما أهّلها للانضمام إلى قائمة “اليونيسكو” للتراث العالمي.

من بين هذه الأشجار: شجرة الزجاجة التي تبرز جذوعها المنتفخة من بين الصخور كالمنحوتات؛ واللبّان الذي تتلوّى أغصانه المتشابكة نحو السماء.

لكن شجرة “دم التنين” بشكلها الغريب هي التي لطالما أسرت الخيال.

تستقبل الجزيرة حوالي 5000 سائح سنويًا، ينجذب الكثير منهم إلى المنظر الخلاب لغابات “دم التنين”.

وإذا اختفت الأشجار، فقد تتلاشى معها الصناعة التي تُعيل العديد من سكان الجزيرة.

أكثر من مجرد تحفة نباتية

لكنّ شجرة “دم التنين” هي أكثر من مجرد تحفة نباتية، بل هي ركيزة أساسية في النظام البيئي لجزيرة سقطرى. تلتقط مظلّاتها الشبيهة بالمظلات الضباب والمطر، وتنقلهما إلى التربة تحتها، ما يسمح للنباتات المُجاورة بالازدهار في المناخ الجافّ.

وقال كاي فان دام عالم الأحياء البلجيكي المتخصّص في الحفاظ على البيئة والذي عمل في سقطرى منذ عام 1999: “عندما تفقد الأشجار، تفقد كل شيء: التربة، والمياه، والنظام البيئي بأكمله”.

ويُحذّر علماء مثل فان دام من أنّ هذه الأشجار قد تختفي خلال بضعة قرون إذا لم يتمّ التدخّل لإنقاذها، ومعها العديد من الأنواع الأخرى.

تزايد حدة الأعاصير تقتلع الأشجار

عبر امتداد هضبة فيرميهين الوعرة في سقطرى، تتكشّف أكبر غابة متبقية من غابات “دم التنين” على خلفية جبال وعرة. وتتوازن آلاف المظلات العريضة فوق جذوع نحيلة، بينما تُحلّق طيور الزرزور السقطري بين التيجان الكثيفة، وتتأرجح النسور المصرية في وجه هبات الرياح العاتية. وفي الأسفل، تشقّ الماعز طريقها عبر الشجيرات الصخرية.

ووفقًا لدراسة أجريت عام 2017 في مجلة “Nature Climate Change”، زادت وتيرة الأعاصير الشديدة بشكل كبير في جميع أنحاء بحر العرب في العقود الأخيرة، بينما تدفع أشجار “دم التنين” في سقطرى الثمن.

عام 2015، ضربت عاصفة مدمّرة مزدوجة وغير مسبوقة في شدتها، جزيرة سقطرى، حيث اقتلعت آلاف الأشجار التي يعود تاريخها إلى قرون مضت وبعضها يزيد عمره عن 500 عام، والتي صمدت أمام عواصف سابقة لا تُحصى ،واستمرّ الدمار مع إعصار آخر عام 2018.

وحذّر هيرويوكي موراكامي، عالم المناخ في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي والمؤلف الرئيسي للدراسة، أنّه مع استمرار ارتفاع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ستزداد شدة العواصف.

وأضاف: “تشير نماذج المناخ في جميع أنحاء العالم بوضوح إلى ظروف أكثر ملاءمة للأعاصير المدارية”.

الماعز تُشكّل خطرًا على الأشجار الصغيرة

لكنّ العواصف ليست التهديد الوحيد. فعلى عكس أشجار الصنوبر أو البلوط التي تنمو بمعدل 60 إلى 90 سنتيمترًا سنويًا، تنمو أشجار “دم التنين” بمعدل 2 إلى 3 سنتيمترات فقط سنويًا. وبحلول مرحلة النضج، يكون الكثير منها قد استسلم لخطر الماعز.

تلتهم الماعز الطليقة الشتلات قبل أن تُتاح لها فرصة النمو. وخارج المنحدرات التي يصعب الوصول إليها، لا يُمكن لأشجار “دم التنين” الصغيرة البقاء على قيد الحياة إلا في المشاتل المحمية.

وقال آلان فورست، عالم التنوّع البيولوجي في مركز نباتات الشرق الأوسط التابع للحديقة النباتية الملكية في إدنبرة: “معظم الغابات التي خضعت للمسح هي ما نسميه بالغة النضج، ولا توجد فيها أشجار صغيرة ولا شتلات”، مضيفًا: “لدينا أشجار قديمة تتساقط وتموت، ولا يحدث تجديد كبير لها”.

مشتل عائلة كيباني هو واحد من عدة حظائر مهمة تُبعد الماعز، وتسمح للأشتال بالنمو من دون إزعاج.

وقال فورست: “داخل هذه المشاتل والأحواض، يكون نمو النباتات وعمرها أفضل بكثير. وبالتالي، ستكون أكثر قدرة على الصمود بوجه تغيّر المناخ”.

الحرب تُهدّد الحفاظ على البيئة

لكنّ جهود الحفاظ على البيئة هذه تُعقّدها الحرب الأهلية اليمنية.

وقال عبد الرحمن الإرياني، المستشار في شركة “غلف ستيت أناليتيكس” وهي شركة استشارات مخاطر مقرّها واشنطن: “يُركّز صانعو السياسات على استقرار البلاد وضمان استمرار الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه. أما معالجة قضايا المناخ، فستكون مجرد ترف”.

ومع قلّة الدعم الوطني، تُترك جهود الحفاظ على البيئة في معظمها لأهالي سقطرى. لكنّ سامي مبارك، المرشد السياحي البيئي في الجزيرة يُشير إلى أنّ الموارد المحلية شحيحة.

وقال مبارك إنّ أسوار سياج مشتل عائلة كيباني المائلة المربوطة ببعضها بأسلاك رقيقة، لا تصمد إلا لبضع سنوات قبل أن تتلفها الرياح والأمطار، مضيفًا أنّ تمويل مشاتل أكثر متانة مُزوّدة بأعمدة سياج إسمنتية سيكون له أثر كبير.

وأضاف: “في الوقت الحالي، لا يُوجد سوى عدد قليل من المشاريع البيئية الصغيرة، وهذا ليس كافيًا. نحتاج إلى أن تجعل السلطة المحلية والحكومة الوطنية في اليمن الحفاظ على البيئة أولوية”.

 

المصدر: اسوشييتد برس

Additional Info

  • المصدر: تعز تايم - اسوشييتد برس
Rate this item
(0 votes)
LogoWhitre.png
جميع الحقوق محفوظة © 2021 لموقع تعز تايم

Design & Developed by Digitmpro