اليمن على حافة الانهيار بين إيران وإسرائيل.. نهاية الرواية الحوثية عن نصرة غزة Featured

أيلول/سبتمبر 14, 2025

أكدت منصة "فاير أوبزيرفرز" الأمريكية أن اليمن يقف على حافة الانهيار بعد وقوعه في قلب التوترات المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، حيث تحولت البلاد إلى ساحة مفتوحة لصراع إقليمي ودولي، في وقت يعيش فيه اليمنيون واحدة من أعقد الأزمات الإنسانية والاقتصادية في العالم.

وأشارت المنصة إلى أن جماعة الحوثي تخوض معارك لصالح إيران في إطار استراتيجيتها الهادفة إلى تطويق النفوذ الإسرائيلي والأمريكي في البحر الأحمر والخليج العربي، بينما تنخفض شعبيتها داخلياً نتيجة تفاقم الأوضاع المعيشية وارتفاع حدة الانتقادات الموجهة إليها من اليمنيين الذين يرون أنها ساهمت في تعميق معاناتهم اليومية.

التقرير ركز على أن إيران باتت تستخدم اليمن كجبهة متقدمة في صراعها مع إسرائيل، عبر وكلائها الحوثيين الذين استنزفوا موارد البلاد وربطوا قرار صنعاء السياسي والعسكري بطهران، وهو ما جعل اليمن رهينة لمعادلات إقليمية تتجاوز مصالحه الوطنية، إذ لم تعد قضية اليمنيين الأساسية متمثلة في السعي نحو السلام والاستقرار بل تحولت إلى ورقة مساومة في لعبة جيوسياسية أكبر.

الصراع الإيراني الإسرائيلي الذي ينعكس على اليمن يتجاوز الشعارات المعلنة، فبينما يرفع الحوثيون شعار نصرة غزة وفلسطين، تؤكد الوقائع أن عملياتهم في البحر الأحمر والخليج العربي تخدم بالدرجة الأولى استراتيجية إيران في الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة، وأن هذه التحركات لم تؤدِّ إلا إلى فرض المزيد من القيود على التجارة العالمية وارتفاع تكاليف التأمين والشحن، وهو ما انعكس مباشرة على الاقتصاد اليمني الهش وزاد من معاناة المواطنين (تقرير الأمم المتحدة حول التجارة البحرية 2024).

انحسار الرواية الحوثية عن "نصرة غزة" يظهر اليوم بوضوح مع تزايد السخط الشعبي، فبينما يعيش اليمنيون في فقر مدقع ويواجهون أزمات الغذاء والدواء والمرتبات المنقطعة وارتفاع منسوب الفقر ليصل الى 80% يعيشون تحت خط الفقر حسب تقارير الأمم المتحدة و المنظمات الدولية، ويستمر الحوثيون في تقديم أنفسهم كحركة مقاومة إقليمية، في حين أن الواقع يؤكد أنهم مجرد أداة في يد إيران التي تسعى لتثبيت حضورها في خطوط التماس مع إسرائيل سواء في غزة أو لبنان أو اليمن. هذه الاستراتيجية الإيرانية تضع اليمن في قلب مواجهة مفتوحة لا علاقة لها بقضاياه الوطنية وإنما بترتيبات إقليمية تدار من طهران.

ان البعد الجيوسياسي للصراع يضع اليمن في موقع شديد الحساسية، فمضيق باب المندب والبحر الأحمر وخليج عدن يمثلان شرياناً أساسياً للتجارة والطاقة العالمية وممر ملاحي مهدد لقناة السويس و اوربا، وهو ما يجعل أي اضطراب فيهما قضية عالمية لا تخص اليمن وحده. إيران عبر الحوثيين تسعى إلى تهديد الملاحة الدولية من خلال الهجمات على السفن التجارية وناقلات النفط مثل اغراق ماجيك سيز وإيترنيتي سي ومن قبلها اختطاف السفينة جلاكسي و طاقمها، في محاولة لابتزاز الغرب سياسياً واقتصادياً، وهي ذات السياسة التي انتهجها حزب الله في لبنان عبر السيطرة على الجنوب وتحويله إلى منصة ضغط على إسرائيل، أو التي مارسها النظام السوري قبل سقوطه المروع عندما كان يسمح لإيران باستخدام أراضيه لتهديد إسرائيل (معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، 2023).

لقد أصبح اليمن ساحة موازية للبنان وغزة في الاستراتيجية الإيرانية، حيث تسعى طهران إلى بناء "طوق مقاومة" يمتد من طهران إلى البحر المتوسط والخليج العربي والبحر الأحمر. لكن الفارق أن اليمن يعاني من هشاشة مؤسساتية وانهيار اقتصادي يجعل من التدخل الإيراني أكثر تدميراً للنسيج الاجتماعي والسياسي، وهو ما أدى إلى تزايد الانتقادات الداخلية للحوثيين الذين يبدون اليوم كقوة دخيلة على هموم اليمنيين.

وبينما تعلن إيران أن دعمها للحوثيين جزء من معركتها مع إسرائيل وأمريكا، فإن النتائج على الأرض تثبت أن هذا الدعم لم يجلب سوى مزيد من العزلة لليمن، حيث يواجه الحوثيون اتهامات مؤكدة و متزايدة بتهريب السلاح والمخدرات وتمويل أنشطة غير مشروعة لإدامة الحرب (تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة 2025)، في وقت يعاني فيه ملايين اليمنيين من الجوع والفقر والنزوح الداخلي و الخارجي.

تاريخياً، كان اليمن دوماً جزءاً من معادلة التوازنات في المنطقة، لكن موقعه الجغرافي المطل على البحر الأحمر وباب المندب جعله اليوم في قلب المواجهة بين إيران وإسرائيل. إسرائيل ترى في نشاط الحوثيين تهديداً مباشراً لمصالحها التجارية وأمنها القومي، بينما تستغل إيران هذا التهديد لتعزيز نفوذها التفاوضي في ملفات أخرى كالبرنامج النووي والعلاقات مع الولايات المتحدة. وهكذا أصبح اليمن ورقة مساومة في صراع دولي أوسع، بعيداً عن قضاياه الوطنية ومصالح شعبه.

وبذلك، فإن الرواية الحوثية عن نصرة غزة تبدو اليوم مجرد غطاء بروباغندا سرعان ما تهاوى أمام الحقائق، حيث انكشف أن اليمن تحول إلى ساحة صراع جيوسياسي يخدم بالأساس طموحات إيران في مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة، على حساب اليمنيين الذين يدفعون الثمن الأكبر من دمائهم ومعيشتهم واستقرارهم.

Additional Info

  • المصدر: تعز تايم - أ.د. عبدالوهاب العوج، أكاديمي ومحلل سياسي يمني
Rate this item
(0 votes)
LogoWhitre.png
جميع الحقوق محفوظة © 2021 لموقع تعز تايم

Design & Developed by Digitmpro