مليشيا الحوثي شنَّت حملة مداهمات وخطف في المحويت وريمة وإب وغيرها من المحافظات، مهددة المدرِّسين بفصل نهائي، واستبدالهم بآخرين، بحسب مصادر ميدانية.
معركة كسر عظم يخوضها المعلمون المحرومون من رواتبهم، منذ سنوات طويلة، فيما تشير الأنباء إلى أن مليشيا الحوثي تعمل على امتصاص الغضب النقابي، وكسر الإضراب؛ من خلال إطلاق وعود مستقبلية.
- معركة عض أصابع
يقول مدير مكتب التربية والتعليم في صنعاء، عبدالحليم الهجري: "إن إضراب المعلمين في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، منذ ثلاثة أسابيع، يعبِّر عن حالة السخط التي وصل إليها المعلمون بعد أن نفد صبرهم".
وأوضح: "المعلم اليوم لا يجد حتى تكاليف المواصلات التي ستوصله إلى مدرسته، ولا يجد قوته وقوت أطفاله".
وأضاف: "مليشيا الحوثي التي تحارب وتقمع إضراب المعلمين، اليوم، هي التي كنا نراها بالأمس ترفع لافتات عليها عبارات منسوبة لـ علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- والتي يقول فيها: عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه، بينما هي اليوم لا تسمح للشخص حتى أن يطالب بقوت يومه".
ولفت إلى أن "في نهاية 2019م، أنشأت مليشيا الحوثي ما يسمى بصندوق المعلم، وفرضت لصالحه رسوما على أشياء كثيرة، على أسطوانة الغاز واللتر البترول، وعلى الجمارك والسجائر والإسمنت وغيرها، ويجمع الصندوق في كل عام -بحسب التقديرات- ما يزيد عن 100 مليار ريال".
وأضاف: "رغم كل هذه الجبايات التي تفرضها المليشيا باسم المعلمين، على أنها ستدفع لهم 30 ألف شهريا كحوافز، إلا أن المعلمين لم يستلموا طوال هذه السنوات سوى ثلاث مرات فقط، فأين تذهب كل هذه الأموال المنهوبة، والمفروضة باسم المعلم؟".
وأشار إلى أن "الجبايات، التي تفرضها مليشيا الحوثي باسم المعلم، تذهب للدورات والمراكز الصيفية، ولما يخدم أفكار وأهداف المليشيا، التي لا يهمها التعليم ولا يغضبها أن التعليم لا يمضي كما يجب، وكل ما يهمها وتريده هو التعليم الطائفي".
وقال: "الحوثيون، الذين يبخلون عن المعلم براتبه، أو حتى بالحافز البسيط المقدر بثلاثين ألف ريال، هم الذين ينشئون ما تسمى بمدارس شهيد القرآن، وفيها سكن وإعاشة ومبلغ نقدي ورفاهية غير عادية، لأنها مدارس تخدم أهداف المليشيا، وتربي أجيالا تؤمن بالسلالة وتقاتل وتموت من أجلها".
ويرى أن "المعلمين، اليوم، في معركة عض أصابع، إذا استمروا بالإضراب والتصعيد، لن تجد مليشيا الحوثي وسيلة سوى أنها تخضع لمطالبهم، ولو بصورة معقولة، ولو لتحقيق جزء بسيط من مطالبهم، أما إذا استسلموا فستقوم المليشيا بمطاردة كل من طالب بحقوقه".
- صندوق المعلم
يقول الصحفي سلمان المقرمي: "المعلمون قرروا الإضراب الشامل عن التعليم فجأة، منذ منتصف يوليو الماضي، للمطالبة بحقوقهم، بعد أن وصلوا إلى مرحلة غير قادرين فيها على الاستمرار، وبعد أن أصبحت العملية التعليمية مدمرة، وملايين اليمنيين يعيشون حالة من الجهل والفقر والظلم".
وأوضح: "التعليم أساس نهضة أي دولة، لذا قام المعلمون بالإضراب والمطالبة بحقوقهم بعد يأسهم من كل الحلول، وكما يعرف الجميع أن المعلمين ليسوا كأي فئة أخرى؛ فهم لديهم دور تربوي وقيمي وأخلاقي تنشأ على أيديهم أجيال، لذا كانوا أكثر الناس صبرا على المعاناة، ويمارسون دورهم الوطني والديني والأخلاقي والدستوري بدون راتب".
وأضاف: "عندما رأى المعلمون أن الأفق مسدودا، ولا حل أمامهم لانتزاع حقوقهم، وإنقاذ العملية التعليمية وإنقاذ ملايين اليمنيين من الجهل، قرروا الشروع بالإضراب".
وتابع: "على الرغم من أن نادي المعلمين لا يزال قيد الإنشاء، ولم يكتمل تشكيله بعد، إلا أن الإضراب حقق نجاحا مبهرا حتى الآن، حيث أعاد قضية رواتب المعلمين، وأوصلها إلى قلب المشهد في اليمن".
وأشار إلى أن "المعلمين استطاعوا، من خلال الإضراب، أن يجعلوا قضية مرتباتهم هي القضية الأبرز والأهم، التي تناقش في جلسات مجلس النواب التابع للحوثيين، والذي لا يزيد أعضاؤه عن 30 عضوا".
واستطرد: "إضراب المعلمين حرّك المياه الراكدة، وفتح الآفاق والعيون على إيرادات ما يسمى بصندوق المعلم، الذي أنشأته المليشيا باسم المعلمين، ولديه 12 مصدرا للجبايات من النفط والغاز والسجائر والمياه المعدنية والمشروبات الغازية وغيرها".
وأفاد بأن "أحد رجال الأعمال قال إنه دفع مقابل صنف واحد من المشروبات الغازية 160 مليون ريال، فيما نحن لدينا مئات الأصناف من المشروبات الغازية والمياه المعدنية".
وذكر أن "دخل صندوق المعلم، خلال العام 2022م، من الوقود فقط أكثر من ملياري ريال".
وأوضح: "صندوق المعلم نشأ في العام 2019م، بعد إصرار أحمد حامد -مدير مكتب رئيس المجلس السياسي التابع للحوثيين مهدي المشاط- على تجريد منتحل صفة وزير التعليم المدعو يحيى الحوثي من المساعدات التي كان يستولي عليها باسم المعلمين من برنامج الغذاء العالمي".
وقال: "بعد أن فقد يحيى الحوثي المورد، الذي كان يسيطر عليه، قام بإنشاء ما يسمى بصندوق المعلم، وأنشأه لحاجته هو وليس لحاجة المعلمين، ويجني منه عشرات المليارات، وإيرادات ضخمة لا أحد يعرف عنها إلا يحيى الحوثي وعصابته".
وأشار إلى أن "حجم الأموال، التي تجنى من صندوق المعلم، دفع الآخرين لتسريب أن هناك 6 مليارات ريال قدمها منتحل صفة وزير التعليم المدعو يحيى الحوثي لمنتحل صفة وزير المالية في صنعاء المدعو رشيد أبو لحوم، وتم الاستيلاء عليها، وهو مبلغ بسيط من المبالغ المنهوبة باسم المعلمين".
وأضاف: "شركة يو للاتصالات أعلنت، مؤخرا، أن الضرائب المفروضة عليها تصل إلى 20% من قيمة الخدمات التي تقدمها، وهذه تعد الزيادة الخامسة من قيمة الاتصالات لصالح صندوق المعلم، ولا أحد يعرف شيئا عن مصير تلك الأموال".
ويرى أن "نادي المعلمين بتحركاته، التي يقوم بها الآن، أفشل الكثير من الإجراءات التي تقوم بها المليشيا لنهب الناس باسم المعلمين، وسينجح بكل تأكيد بإعادة الحقوق إلى أصحابها".
وبيّن: "النادي يمشي بخطى ثابتة نحو استكمال بنيته التنظيمية والهيكلية والنقابية، وبناء مؤسسة جامعة لغالبية المعلمين، إن لم يكن لجميعهم، بهدف انتزاع حقوقهم".