وذكر معلق الشؤون الاستخبارية يوسي ميلمان أن إرسال إسرائيل أخيراً إحدى غواصاتها القادرة على حمل رؤوس نووية إلى مضيق باب المندب لا يمثل فقط رسالة ردع لإيران، بل إنه يحسّن من قدرة تل أبيب على جمع المعلومات الاستخبارية عما يجري في اليمن، ويمنح الجيش الإسرائيلي إنذاراً مبكراً قبل انطلاق هجوم من الأراضي اليمنية في اتجاه إسرائيل.
وفي تقرير نشرته صحيفة "هآرتس"، لفت ميلمان الأنظار إلى أن إسرائيل تفترض أن إيران، عندما تقرّر القيام بعمل انتقامي ضدها، فإنها ستعمل على عدم إبراز علاقتها بهذا العمل عبر ما سماه "مجال الإنكار"، حيث إن من ضمن أنماط العمل التي يمكن أن تقدم عليها طهران إطلاق صواريخ على جنوب إسرائيل انطلاقاً من شمال اليمن.
وأضاف: "يمكن الافتراض أن الاستخبارات الإسرائيلية حرصت منذ وقت طويل على مراقبة ما يجري في اليمن"، لافتاً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كشف في أكتوبر/تشرين الأول 2019 أن إيران نصبت صواريخ "دقيقة" في اليمن قادرة على ضرب العمق الإسرائيلي.
ولم يستبعد ميلمان أن تكون المخابرات الإسرائيلية والأميركية قد تمكنت من اعتراض حركة الاتصالات التي أجريت تمهيداً للهجوم الذي استهدف مطار عدن الأسبوع الماضي، والذي أسفر عن مقتل 26 شخصاً، مرجحاً أن محللي الاستخبارات الإسرائيليين والأميركيين لم يتمكنوا من تفسير ما ورد في هذه الاتصالات بشكل صحيح.
وأوضح أن اغتيال عالم الذرة محسن فخري زاده، الذي يُتهم بتنفيذه كلّ من جهاز الموساد وشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" دفع محافل التقدير في تل أبيب للاعتقاد أن إيران ستردّ، مستدركاً أن فرص الردّ في الوقت القريب قليلة نسبياً، بسبب حالة الاستنفار السائدة لدى إسرائيل والولايات المتحدة.
وأبرز حقيقة أن سلاح الجو الإسرائيلي كثف طلعاته جنوب إسرائيل تحسباً لأي ردّ إيراني.
وفي ما يتعلق بإمكانية أن تردّ إيران عبر استهداف المصالح الأميركية، أشار ميلمان إلى أن طهران تتوخى الحذر، على اعتبار أنها تعي أن أي عمل كبير، مثل مهاجمة سفارة أميركية أو إغراق سفينة في الخليج، سيفضي إلى ردّ أميركي "مؤلم وفوري"، مما يدفع الإيرانيين إلى محاولة القيام بـ "ردود رمزية" لحفظ ماء الوجه، مثل سيطرة البحرية الإيرانية مطلع الأسبوع على سفينة تحمل العلم الكوري في مضيق هرمز بدعوى أنها "مصدر للتلوث". ولم يستبعد أن يكون الهدف من السيطرة على السفينة ابتزاز الحكومة الكورية لدفعها للإفراج عن مدخرات مالية إيرانية في بنك "سيؤول"، سيما في ظل نظام العقوبات الذي فرضته إدارة ترامب.
وأشار إلى أن من بين الخطوات الأخرى التي أقدمت عليها إيران وتمثل رسالة للولايات المتحدة، قرار زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 20% في مفاعل "بوردو" تحت الأرضي، الذي يصعب على إسرائيل تدميره عبر غارة جوية، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تسهل على طهران رفع نسبة التخصيب إلى 90% وهي النسبة التي تمكنها من إنتاج سلاح نووي.
وعلى الرغم من أن رفع نسبة التخصيب إلى 20% يُعدّ تجاوزاً للاتفاق النووي الذي وُقّع في 2015 مع القوى العظمى، إلا أن طهران ما زالت ترى نفسها ملزمة بالاتفاق، وتقدم فقط على "خطوات محسوبة"، كما لاحظ ميلمان.
وحسب الدوافع وراء قرار زيادة نسبة التخصيب، توقع أن تكون طهران معنية بمراكمة أوراق مساومة لتوظيفها في مواجهة إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن، ودفعه للتراجع عن نظام العقوبات المفروض على الجمهورية الإسلامية.