ولقد قرر محفوظ الذهاب، صباح يوم الرابع من مارس 2021، وحيدا لزيارة والدته في منطقة عصيفرة القريبة، كما تعوّد كل أسبوع مع بقية إخوته، دون أن يتصل بهم.
"وصل أمام البيت، والتقى اثنين من الشباب، وتبادلوا السلام، وذهب إلى أمام باب البيت، وأخذ حجرا ليطرق به الباب، وفي تلك اللحظة باشره القنّاص الحوثي المتمركز في "تبة حميد" بطلقة نارية اخترقت جسده، تحت الثدي الأيمن، خرجت من الثدي الأيسر، واستشهد فوراً"، بحسب رواية شقيقه لموقع "تعز تايم".
يضيف شقيق الضحيّة: "لقد تم إسعافه في نفس الوقت، ولكن القنّاص استمر بالضرب عليه 12 طلقة، ووصل مستشفى الصفوة متوفيا، والحمد لله على كل حال".
يتابع: "كان محفوظ من أول ابتدائي إلى ثالث ثانوي متفوقاً في دراسته، درس في مدرسة أبو عبيدة حتى الصف الثالث الإعدادي، وانتقل لدراسة المرحلة الثانوية في ثانوية تعز الكبرى، وتخرج من الثانوية بمعدل 95% في عام 2006".
اقرأ أيضاً: تعز تايم يرصد 737 عملية استهداف لسكان تعز برصاص قناصة الحوثي
وزاد "سافر إلى ماليزيا، في عام 2008، ودرس هندسة نفط، وعاد إلى اليمن في 2011، أيام الثورة، وبعد شهر عاد مجدداً إلى ماليزيا، واستمر فيها إلى 2019، وعاد إلى اليمن، وتزوّج في عام 2020، واستقر في المدينة".
يوجّه شقيق الفقيد رسالة إلى الحوثيين قائلا: "مهما فعلتم، مهما حاصرتم، لن يزيدنا دم محفوظ إلا إصراراً وتمسكاً، ورسالتي لكل اليمنيين، ولأبناء تعز خاصة، أن هذه العصابة لا بُد أن يتم استئصالها، لأنها مرض خبيث، إذا كانوا قنصوا شخصاً يحمل القلم لا يحمل سلاحاً، واليوم لم يستشهد محفوظ وإنما استشهد العلم والمعرفة والثقافة، وهذه رسالتنا، ونقول لهم لا بُد من استئصال هذه العصابة".
اقرأ أيضا: "تعز تايم" يكشف مواقع انتشار قنَّاصة الحوثي في مدينة تعز
ويؤكد شقيق الضحية أن "البوابة، التي قُنص أمامها محفوظ، أحياناً ندخل منها، وأحياناً ندخل من الباب الخلفي، ومحفوظ ليس أول شهيد يُقنص في هذه المنطقة، فقد قنصوا امرأة في المنطقة التناسلية، وقنصوا طفل".
ويوضح "هذه العصابة يقنصون الشجر والحجر والناس، ولا تركوا شيئاً، هؤلاء سرطان في جسد اليمن وفي تعز"، موجّها رسالة لأبناء تعز أنه "لا بُد من تحرير تعز، ونتّحد، ونكون يداً واحدة، لتحرير بلادنا".
وعن وضع والدته، يقول: "تخيّل موقف أم تفتح بابها، وتنظر لابنها ودمه بين أقدامه، لا استطيع أن أشرح لك الموقف، وإلى الآن وهي متعبة، وحالتها النفسية متعبة، الحمد لله على كل حال".
واستطرد "مازالت تقول إنها بتعود منزلها مرة أخرى، ورافضة أن تعيش في المدينة، هؤلاء الناس يريدون أن يخرجونا من بيوتنا، ولكن لا يمكن، هذه بلادنا وبيوتنا عشنا بها ونموت داخلها، والحمد لله محفوظ خرج من بيته إلى ماليزيا، وعاد واستشهد قدام بيته، الحمد لله على كل حال، والرسول قال من قتل دون ماله وعرضه فهو شهيد، ونحن هنا شهداء".
وفي ملف قناصة الحوثي الذي فتحه "تعز تايم" رصد الموقع خلال العام 2021م استهداف 27 ضحية قنصا من قبل الحوثيين في محافظة تعز من بينهم 14 امرأة و7 أطفال، وتركّزت الإصابات في مناطق خطيرة من الجسم، الأمر الذي جعل محاولات إنقاذ بعض المصابين غير مجدية من قِبل الأطباء، فيما فارق آخرون الحياة بعد إصابتهم في الرأس أو القلب.
هذه الجرائم رفعت أعداد الضحايا الذين سقطوا جراء استهدافهم من قبل القناصين الحوثيين في تعز منذ مارس 2015م إلى نهاية ديسمبر 2021م، إلى 718 مدنيا، بينهم 378 قتلوا بعد استهدافهم.
اقرأ أيضاً: قنّاصات أمريكية وروسية وإيرانية وصينية بأيدي الحوثيين لاصطياد أبناء تعز
وتستوجب جرائم القنص، التي ترتكبها جماعة الحوثي في تعز، خطوات جادة وفعّالة من مجلس الأمن والمجتمع الدولي، من شأنها إجبار الحوثيين على وقف استهداف المدنيين في عموم المحافظات، وإحالة ملف اليمن إلى محكمة الجنايات الدولية للتحقيق في كل الجرائم، التي من أبرزها جرائم القنص، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكابها.