تعز تايم يفرد مساحة خاصة للحديث حول هذه القصة مع الخبير العسكري اليمني علي الذهب وذلك ضمن ملف الموقع الذي أطلقه لتناول قناصة الحوثي في تعز
يقول الذهب بأن الحوثيون أعلنوا عن قنّاصات محلية الصنّع منذ أكثر من أربع سنوات تقريباً على أنها صناعة محلية، وفي حقيقة الأمر أن هذه الأنواع من القنّاصات تقنيات مختلفة، منها الروسي، ومنها الأمريكي والياباني والإيطالي والصيني، أُعيد توطين أجزاء منها".
اقرأ أيضاً: قنّاصات أمريكية وروسية وإيرانية وصينية بأيدي الحوثيين لاصطياد أبناء تعز
يشير الذهب إلى أن الحوثيين يستخدمون آلات بسيطة لا تحتاج إلى تقنية وإمكانيات كبيرة لإعادة توطين أجزاء من القنّاصات، وقد تكون آلة واحدة لإنتاج القطع أو الأجزاء الأساسية لها، موضحاً أن الأمر يحتاج إلى مال ومواد خام، ونماذج يستنسخ منها فقط.
ويتساءل: "إعادة توطين القنّاصة تحتاج إلى معامل صغيرة لصناعة أجزاء من الأسلحة، كمعامل الخراطة المتواجدة في تعز وصنعاء المتخصصة، وهي مكائن صغيرة جدا لا تحتاج جهدا كبيرا، لكن السؤال: من يُدخلها؟".
- خبرات أجنبية
"إعادة توطين أجزاء من أسلحة القنّاصة، التي تقوم بها جماعة الحوثي، يقوم عليها خبراء أجانب من العراق -على وجه الخصوص- ومن حزب الله بحسب الذهب.
اقرأ أيضاً: تعز تايم يرصد 737 عملية استهداف لسكان تعز برصاص قناصة الحوثي
يقول الذهب: " الحوثيين استفادوا كثيراً من خبرات حلفائهم من جماعات العنف في المنطقة، فضلا عن الدعم الإيراني.
- مخزون كبير
يعتقد الدكتور علي الذهب أن الحوثيين "لديهم مخزون كبير من القنّاصة بشكل قطع جرى تركيبها، وإعادة تشكيل بعض قطعها، أو الرسم والحفر عليها، لتبدو أنها من صنع أيديهم".
يقول ل"تعز تايم": "القنّاص لا يستمر في موقعه أكثر من شهرين إلى ثلاثة، ولا بُد ما يبادله على هذا الموضع أكثر من شخص، وهذا ما يفسّر أن الحوثيين لديهم كمية كبيرة من آلات القنص بأعيرتها المختلفة".
ويرى الذهب أن الحوثيين يستخدمون القنّاصة بشكل كبير في المعركة الدفاعية، موضحاً أن "أي طرف يأخذ القنّاص وضعه الدفاعي، والقنّاصة قد توصل إلى ٣٠٠٠ متر، ولكن تقل فعاليّتها كلّما زادت المسافة".
- فنون القنص
وكما للقتال فنون مختلفة، للقنّاصة فنها الخاص بها، لا يتقنه أي فرد، يقول الذهب: "قتال القنّاصين له فنونه، ويتم اختيار القنّاصين بطريقة معيّنة من حيث الطول والخِبرة، وصحة الحواس الخمس، والثبوت، حيث إن القناص يثبت وكأنه جماد لا يتحرّك، وحركته لا أحد يشعر بها".
- لماذا تعز بيئة مناسبة للقنّاصة؟
طبيعة المعارك في تعز تُعد السبب الرئيس الذي جعل الحوثيين يعتمدون على القنّاصين بشكل كبير.
يرى الذهب، من خلال قراءته لتقرير سابق نشره "تعز تايم" عن أماكن تمركز القنّاصة في تعز، أنّ القنّاصين "موزعون على نسق واحد بشكل قوس، وهذه المناطق تغطّي مناطق محتملة لتسلل القوات الحكومية".
اقرأ أيضا: "تعز تايم" يكشف مواقع انتشار قنَّاصة الحوثي في مدينة تعز
ويؤكد أنه، بسبب عدم وجود هجوم كاسح من قِبل قوات الجيش الوطني في تعز على مواقع الحوثيين، "يجد القنّاصة الحوثيون أنفسهم أكثر قدرة على التأثير في تعز، مع أن مفعول القنّاصة يقل في ظل وجود هجوم كاسح".
ويوضح الذهب أن "الهجوم الكاسح يسبقه تمهيد ناري بالمدفعية وبالطائرات، والتمهيد هذا يضرب مساحات معيّنة، يمسح المنطقة كل 500 متر من الشمال إلى اليمين أو العكس، والقنّاصة قد تنسحب وتعود أثناء الهجوم، ولكن بكل الأحوال الكثير منهم يتعرّضون للإرباك، والقتل، وتهديم المواقع".
يضيف: "مواقع تحصن القنّاصة تخرّبها المدفعية أثناء عملية التمهيد الناري، وتقل كفاءة القنّاصة، لكن في الظروف العادية -التي تشهدها تعز- هم الآن في بيئة مناسبة لعملهم، ويغطّون مساحات كبيرة، ليس لديهم استعداد لتغطيتها بالمزيد من المقاتلين، لذا يغطونها بالمزيد من القنّاصة".
المشهد العام:
وتعليقا على طبيعة المعركة في تعز، يرى الذهب أن "تعز متروكة على جنب، وقد تشهد أحد الأمرين، إما أنها قد تسلِّم قيادتها لطارق وشلته، أو قد تحدث مواجهة عنيفة، وكل طرف يعيد ترتيب وجوده، لأن قوات طارق لم تتدخّل حتى الآن، وكأنّ لها دورا مستقبليا، وقوات الحكومة في تعز ضعيفة، أو لكانت تحرّكت".
اقرأ أيضا: "تعز تايم" يرصد 52 جريمة قنص حوثية لمدنيين في 9 مديريات بتعز
واختتم الذهب ل"تعز تايم" تعليقه بقوله: "ليس هناك إدارة للمعركة في تعز. ومثل ما قال عنها وزير الدفاع الحالي -الذي كان رئيس هيئة الأركان في السابق- تعز قطاع منفصل، وعليها نظرة حاقدة من جميع الأطراف، سواء الجنوبيين وحتى الرئيس نفسه، رغم أنها أول من دافعت عن الجمهورية، ومع ذلك تُركت على جنب".
رؤية أخرى
تعز تايم القتى رئيس مركز أبعاد للدراسات الإستراتيجية، عبدالسلام محمد: وقال "إن الحوثيين استخدموا القنّاصات في حالتي الدفاع والهجوم، لأنها تعتبر جزءا من سلاحهم الرئيسي، مثلها مثل الألغام".
ويرجع عبد السلام استخدام الحوثي القنّاصات إلى عجزه عن المقاومة والمواجهة البرية، مثل ما استخدمها الإيرانيون أيام الحرب العراقية بشكل مؤثّر، أثناء عدم قدرتهم على مواجهة القوات البرية العراقية.
ويستغرب عبدالسلام من امتلاك الحوثي هذه القنّاصات التي لا يمتلكها إلا الجيوش المتقدّمة جدا.
ويلفت إلى أن الحوثيين استخدموا قنّاصات حديثة في جبل الدخان عام 2009 بالمناظير الليلية، في الوقت الذي كان يدور حديث عن استفادتهم من قنّاصات ليلية تتبع الحرس الجمهوري وقتها.
وأكد أن "القنّاصات، التي تحصلوا عليها من الحرس الجمهوري سابقاً، طوّرها لاحقاً من خلال إضافة بعض الأشياء على البندقية".
وقال قبل سقوط صنعاء تم إلقاء القبض على خلايا سلاح في البحر، وهذا ما يؤكد أنهم يستوردون المناظير الليلية بدون البندقيات من السوق السوداء، بعضها مناظير قويّة جدا يتم استيرادها من دول متقدّمة، لأسباب يظهرونها أنها ليست أسبابا عسكرية، لكن الحقيقة أنها أسباب عسكرية.
وأشار إلى أن الحوثيين يحصلون على البندقيات المفككة من إيران، ومن ثم يتم تطوير ما فيها، مثل المواسير أو الأنابيب الصلبة داخل اليمن.
وأكد عبد السلام أنه "لا يوجد إنتاج يمني، لكن هناك خبراء للحرس الثوري الإيراني، يعيدوا تركيب بعض القطع التي يحصلون عليها، ويتم تطوير بعض منها فقط، لكن التكنولوجيا تأتي من إيران، أو يتم استيرادها من دول أخرى، مثل ما استطاعوا أن يحصلوا على محرّكات درونز من ألمانيا وغيرها".
وبالنسبة لتعز، يقول "القنّاصة عادة ترمز للحصار، وبالتالي وجود الحوثيين في محيط تعز معناه أنهم مستمرون في حصارهم، وأغلب ضحايا القنّاصات مثل ضحايا الألغام هم مدنيون عادة".
ولا يستبعد عبدالسلام أن يكون الحوثيون متورّطين في اغتيالات طالما معهم هذه القنّاصات الحديثة، التي تصل إلى 5 كيلو.