بدأت الجمعية نشاطها مطلع العام 2019 بعد أربع سنوات من توقف جمعيتي "السعيد" رعاية ذكور الصم والبكم و"السعيدة" لرعاية الإناث من الفئة ذاتها بسبب الحرب وبعد أن أصبحا مقرهما في خطوط النار.
مقر داخل دكان
وُلدت "الجمعية" لتكون بمثابة إعادة الأمل والحياة لهذه الفئة الضعيفة التي تفتقر إمكانية التخاطب مع المجتمع لفهم احتياجاتها، واعتمدت الجمعية بشكل شبه كلي على تبرعات ودعم فاعلي الخير والتجار في محاولة لمساعدة أعضائها الذين اجتمعوا لشح الامكانيات في جمعية مشتركة للجنسين.
الأمين العام لجمعية "الطموح" إيمان القدسي تقول لـ "تعز تايم": إن الجمعية كانت مستقرة لما يقارب سنة ونصف في مقر بسيط في وادي القاضي وهو عبارة عن دكان كبير نوعاً ما، تم تقسيمه إلى نصفين الأول للإدارة والنصف الآخر عبارة عن معمل للخياطة بما يسهل تدبير أمور الجمعية وتشغيل الصم والبكم للحصول على حرفة تساعدهم في معيشتهم عوضاً عن الجلوس بلا عمل.
وتضيف القدسي "لكن الانهيار الاقتصادي وتراجع قيمة العملة شكل ضربة قاصمة لنشاط الجمعية المتواضع، إذ مثلت زيادة الإيجارات مع تضارب سعر الصرف العبء الأكبر أمام الجمعية التي عجزت عن توفير مستلزمات العمل والتدريب.
وتشير القدسي إلى أنهم كانوا مستأجرين الدكان بقيمة 40 ألف ريال في وادي القاضي وتزايد سعر الإيجار إلى 50 ألف ثم إلى 55 ألف وهذا ماجعلهم يخرجون من المكان ويبحثوز عن مكان آخر أقل تكلفة لانهم وصلوا لزمن لم يقدروا فيه على دفع الإيجارات بسبب انقطاع الدعم من فاعلي الخير وغياب دعم الحكومة".
ذروة المعاناة
تجسدت المعاناة بعد لجوء مالك الدكان "المقر" لاحتجاز مكائن تعليم الخياطة والطاقة الشمسية الخاصة بالجمعية بعد تراكم المديونية وعدم قدرة الجمعية على سداد الايجارات التي تراكمت من بداية شهر مارس لتصل إلى 600 ألف ريال، وهو ما تسبب بتوقف العمل نهائياً، بحسب أمين عام الجمعية.
ومع ارتفاع الأسعار وانهيار العملة المحلية، قلّ الدعم وربما انعدم.. تقول القدسي بنبرة أسى "كلما طالبنا الجهات المسؤولة والشؤون الاجتماعية بدعمنا يكون الرد كما عهدناهم المالية مغلق ولا نستطيع أن نصرف لكم والوضع متردي والبلاد في حالة حرجة ومافيش لها أي إيرادات".
الشارع مقراً
"يشعر الصم والبكم أن الجمعية تشكل بيتاً ومركزاً لحمايتهم وحلقة وصل بينهم وبين المجتمع والجهات المعنية، ولأجل ذلك للحفاظ على بيتهم بكل قوتهم" بحسب القدسي.
وبعد خروجهم من المقر، يلجأ أعضاء الجمعية للاجتماع في أي مكان عام مناسب، من أجل النقاش وتسيير الخطة، فتارة يجتمع الأعضاء الذين يلزم حضورهم في مبنى قيد الإنشاء، ومرة أخرى في فناء مسجد، وثالثة تحت شجرة أو في الشارع وهكذا.
وتقول إيمان القدسي بأن الصم والبكم يتكفلون بالدفع من جيوبهم لتلبية ما نحتاج إليه، رغم أن حالتهم المادية صعبة جداً، وكل هذا حتى لا تتوقف الجمعية والمهمات الخاصة بهم، كونهم يدركون أهميتها في تسيير شؤون حياتهم.
فئة منغلقة.. واحتياجات كبيرة
وتعتبر فئة الصم والبكم فئة منغلقة تماماً ويحتاجون بشكل أساسي للجمعية، غير فئة المعاقين الذين يكون بمقدورهم ممارسة نشاطاتهم نسبياً في أي مكان، بينما الصم والبكم يحتاجون تجمعات خاصة بسبب لغتهم الغير مفهومة واعتمادهم على لغة الإشارة.
فهمي الشميري، أحد ذوي الإحتياجات الخاصة (الصم والبكم)، أثناء زيارتنا له، كان في حالة مرضية يرثى لها، يقول لـ "تعز تايم": "ما من أحد يتكفل بفاتورة التطبيب والدواء بعد إغلاق جمعية "الطموح" المعنية برعاية هذه الشريحة الضعيفة لأسباب قاهرة، ليدخل المئات من منتسبيها في معاناة تفتقر لأدنى مقومات الحماية والرعاية.
وتهتم الجمعية بمتابعة الصم والبكم الذين تتجاوز أعمارهم 15 عاماً، إذ تستقبل من يبلغون هذا السن من جمعية أخرى تتولى رعاية الأصغر سناً.. تتولى "الطموح" توزيعهم والعمل على استكمال دراستهم وحياتهم التعليمية إذ تضم الفتيات إلى مدرسة (صينة) الخاصة بالبنات فيما ترسل الأولاد إلى مدرسة الصديق.
وللجمعية هيئة إدارية جميع أعضائها من فئة الصم والبكم، باستثناء رئيس الجمعية وأمينها العام، الذين يعتبرون حلقة الوصل بين هذه الفئة والجهات المعنية والمجتمع لتدبير أمورهم وإنجاز مهامهم، ومساعدتهم خصوصاً أن غالبيتهم ضعيفون في الكتابة والقراءة ويقوم الرئيس والأمين العام بمساعدتهم لإتمام المهام.
مستقبل.
في مهب الريح
تضم الجمعية نحو 400 عضو من الجنسين يتواجدون في مدينة تعز، وكل فرد فيهم يعتبر مستفيداً من الجمعية في حال توفر لهم دعم من المتبرعين. يسكن بعضهم في مناطق بعيدة عن مركز الجمعية ويتم التواصل بهم وحضورهم عندما تقتضي الحاجة.
تعمل الجمعية على متابعة الدراسة الجامعية لهؤلاء المستحقين، إذ لا يمكن لأي منهم الالتحاق بالجامعة إلا عبرها، بما يتيح لها التنسيق لاختيار القسم المناسب والوسائل التعليمية، والمترجم الخاص ويتم مساعدتهم بالرسوم بالاعتماد على تبرعات فاعلي خير.
وأمام واقع كهذا تبدو حياة هذه الفئة الضعيفة ومستقبلها وقابلية تأثيرها وانخراطها في المجتمع في ذروة الخطورة مع غياب أبسط مستويات الدعم للجمعية، في ظل عدم تحمل الجهات المعنية ممثلة بصندوق المعاقين ووزارة الشؤون الاجتماعية والسلطة المحلية في تعز لمسؤولياتها القانونية تجاههم وفي ظل شحة الدعم المقدم لها تزامناً مع ظرفٍ اقتصادي قاسٍ عليهم.
تأمل هذه الفئة التفاتة كريمة من رجال المال والأعمال وفاعلي الخير بكل مستوياتهم للحفاظ على أملها في الحياة، كما ولا تزال تناشد الحكومة تحمل مسؤولياتها إزاء حياتهم وكرامتهم حتى لا يصبح حقوقهم الدستورية والقانونية بالرعاية والاهتمام من الحكومة ضائعة، ويتحولون إلى باحثين عن مساعدات وتبرعات تأتي نزراً يسيراً أحياناً وغالباً لا يأتي