توفيق الحميدي: استقلال تعز بمشروع سياسي وحكم محلي كامل الصلاحيات هو من سيكسر لحصار Featured

تموز/يوليو 14, 2023


عند الحديث عن حصار تعز ، وإرادة الانتصار الذي تحمله المدينة منذ ٢٠١١، ووهج الثورة الذي لم ينطفئ في ساحتها ، يجعلك تدرك أنك أمام مدينة تستشعر بحدسها الطبيعي اتجاهات الأحداث الوطنية، وتشارك بفاعلية في صناعتها.

الروح التعزية التي صنعت جزءا مهم من تاريخ اليمن، تدرك أن اليمن بحاجة إلى جهد كبير يفوق المرحلة  الحالية للوصول إلى حالة تغيير شامل ونهوض ملموس، يجمع الشتات ويهز الغفلة ويقضي علي الأنانية المخيمة في العقول والنفوس ، سميت يوماً صانعة الرؤساء، رد الإمام أحمد حميد الدين جد القادمين من كهوف صعده يوماً عن سؤال سبب استقراره في تعز ، فرد بوضوح مليئ بالقلق ، لسحق رأس الأفعى، الافعى التي يخشى أن تلتف حول رقبته وتقضي علي مشروعة السلالي وترسله إلى مزبلة التاريخ، تحركت الإمامة منذ القدم ،  لإحداث تغيير ديمغرافي في تعز من خلال نقل أسر هاشمية تكون عينة التي يبصر بها في المحافظة، وتمنحه القوه ، وتقدم له قرابين الولاء، مستغلا تسامح المدينة، فتعز مدينة مفتوحة لا تدقق في وجه العابرين أو القاطنين فوق ترابها، تؤكد كتب التاريخ اليمني الحديث أن معركة قلعة المقاطرة في تعز إلى جانب معركة الزرانيق بمحافظة الحديدة وانتفاضة بيت الأحمر في صنعاء، شكلت التحدي الأكبر لدولة الإمامة، وساهمت في حراك اجتماعي انتهى بثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢.

في عهد الرئيس صالح الذي صعد إلى السلطة في مثل هذا الشهر قادم من تعز، من بوابة المخا، الذي استقر فيها حفيده طارق، طمعا في تكرار صدفة التاريخ، كان صالح يدرك أن تعز الجغرافيا والبشر تشكل مشروعا متكاملا للنهوض، جغرافيتها تختزل الاستراتيجية المهمة لليمن، باحتضانها باب المندب، وقربها من طرق الملاحة الدولية، وبشر قلقون، متسلحين بالعلم وممارسة السياسة، لديهم تحفز دائم للمستقبل، حالة إبداع إذا ما تزاوجت مع الجغرافيا يمكن أن تصنع فارق يهدد صالح نفسه، فسلك صالح ثلاثة مسارات متوازية، الأول العنف المفرط ضد سياسيي المحافظة المتمثل في الحركة الناصرية ضد صالح نهاية السبعينيات وحركة عبد الله عبد العالم وبغض النظر عن الأخطاء التي ارتكبت، لكن وجدها صالح فرصة لسحق رأس الأفعى، وترويض المحافظة التي يخشى تململها، الثاني صناعة شخصيات تعزية، مشيخة السمات، والعلم آخر اهتماماتها، صنع لها مزيدا من التأثير والحضور في تعز، على أسس مشيخي سياسي، لم يكن الشهادة الجامعية إلا لاحقا لتزين بها سيرته الذاتية، ليحول تعز إلى قبيلة كبيرة بدلا أن تتحول إلى حزب سياسي، وحالة مدنية تساهم في تطوير اليمني، تركت تعز كبقية المحافظات لم تحضي حتى بجامعة لتعليم أبنائها إلا بعد الوحدة في إطار كسر مركزية جامعة صنعاء، اليوم يمكن ملاحظته نتاج هذه الشخصيات التي حظيت باهتمام صالح، ومنحته الولاء الأعمى، ما زال كثيرا منهم يمارس دور خادم القصر، أينما تواجدت السلطة والمال، وأسرة صالح، وتشكل عائق كبير أمام نهوض تعز، الثالثة الحيلولة بين ساحل تعز الغربي "المخا" والكتلة البشرية التعزية، تركت تلك البقعة القطاع الطرق والمهربين، الذين كان على ارتباط وثيق بنظام صالح، الذين نشروا الرعب بين الناس، وتطايرت بأخبارهم الركبان كما يقال، فأهمل الساحل وتحولت المخا إلى أقل من قرية مهجورة، فارغة من أي استثمار أو بني تحتية.

عند تفجير الحوثي الحرب ضد اليمنيين ومؤسسات دولتهم في ٢٠١٤، حاولوا تطويع تعز، وإخضاعها لمشروعه الخاص ، وتحويلها الي خزان بشري لرفد جبهات القتال التي فتحتها لأجل التوسع ، إلا أن المدينة بطبيعتها متمردة ضد قيود الإذلال، في عمقها بركان معرفي لا يقبل القيد ، بطبعتها مشروع بناء وحياة ، ابناءها ينتشرون في القرى والمدن اليمنية ، معلمين ومهندسين اطباء او جنود يحمون مشروع الدولة ، واجهت المشروع الحوثي بدماء أبنائها، قاتلته بكل الوسائل المتاحة حتى أوجدت لها موطئ قدم، وهو الذي كان لديه كل المعسكرات والعتاد التي سلمت له الولاء، فبدء فرض الحصار، حصارا ضد كل ما هو حي في تعز، الأطفال قبل الكبار، والنساء قبل الرجل، حصار يسعى لكسر الإرادة، وزرع الوهن، عانت تعز كثيرا، أفق أبنائها مت يقارب سبعون مليار ريال على طرق التفافية للوصول إلى مقاصدهم، وأكثر من ٥٠٠ ألف ساعة يقضونها في هذه الطرق، إرادة الحياة أقوى من رصاص الحوثي، خلال هذا الحصار أهملت تعز من الشرعية ومن التحالف، سقطت من قائمة التحرير العسكري، وتحولت إلى ورقة للمساومة، وربما غنيمة لتقسيمها بين الشمال للحوثي مع المطار، وغربا مع طارق الذي البس لبأس شرعي ليكون به ما يريد، فيملأ الفراغ البي تركة عمه منذ ثلاثة وثلاثين عاما قي المخا ويستأثر بالميناء.

لن يكسر حصار تعز دوليا، ولا إقليميا، سيكسر حصار تعز، استقلال تعز بمشروع سياسي اجتماعي محلي، يطالب بحكم محلي كامل الصلاحيات، يكون التحرير أولوية وكسر الحصار هدف، يعيد الحق لأبناء هذه المحافظة في الإدارة والتمثيل والتنمية، يحرر تعز من كونها حديقة خلفية لطرف، أو غنيمة لأخر، ما تمتلكه تعز يجعلها قادرة على إحداث فارق في النموذج والبناء، إذا توحده الإرادة، كسر الحصار يجب أن يكون محليا، لنؤسس هيئة مستقلة لكسر الحصار، ويتأسس صندوق لهذا يتلقى تبرعات وأموالا لدعم مشروع كسر الحصار، كسر الحصار واجب إنساني، إذا صمت الضمير العالمي، فلا يصمت الضمير العربي واليمني والتعزي.

Rate this item
(0 votes)
LogoWhitre.png
جميع الحقوق محفوظة © 2021 لموقع تعز تايم

Design & Developed by Digitmpro