ووجدت الأسر اليمنية بديلاً في معجون الطماطم "الصلصة" في ظل ارتفاع أسعار الطماطم إلى أرقام قياسية، ما تسبب بضعف الإقبال على شرائها في ظل ضعف القدرة الشرائية لدى المواطنين اليمنيين الذين يعانون من أوضاع اقتصادية صعبة نتيجة الحرب التي تشهدها البلاد منذ ما يقرب من عشر سنوات.
مواطنة من تعز، سامية دبوان، قالت لـ"العربي الجديد" منذ عدة أيام وأنا أطبخ بدون طماطم، بعد ارتفاع أسعارها، ولم يخطر ببالنا أن يصل سعر الكيلو الطماطم إلى 4 آلاف ريال، والأفضل للأسرة أن تشتري فواكه بدلاً من الطماطم حيث سعر كيلوغرام الرمان 1500 ريال، وكيلوغرام البرتقال 1500 ريال، وكيلو الموز 1000 ريال".
وتضيف دبوان: "لو أنّ لدينا دولة أو تجارا عندهم مسؤولية لقاموا بإنشاء برادات لتخزين الطماطم من أيام الموسم حيث ينخفض سعره بشكل كبير ويصل إلى 300 ريال فقط، ويمكن أيضاً إنشاء مصانع لإنتاج معجون الطماطم للاستفادة من الطماطم أيام الموسم، وعلى الأقل لن يصل سعره في غير الموسم إلى هذا الحد كما هو الآن".
وتسبب ارتفاع أسعار الطماطم في إحداث حالة من الركود لدى بائعي الفواكه والخضروات نتيجة عزوف المواطنين، كما تسبب ذلك بتوقف عدد من بائعي السحاوق بالجبن (أكلة يمنية يتم تحضيرها بهرس الطماطم والجبن والثوم والفلفل الأخضر والبقدونس والكزبرة وتعد الأكلة الرئيسية لطبقة العمال).
صاحب محل لبيع السحاوق بالجبن، ماجد عبد الملك، قال لـ"العربي الجديد": ارتفاع أسعار الطماطم اضطرني لإغلاق المحل على أمل أن تنخفض أسعارها من جديد، لأني أبيع السحاوق في الأيام العادية بألف ريال، لكن مع ارتفاع أسعار الطماطم بقيت أمام خيارين إما رفع السعر إلى ألفي ريال وهذا يفوق القدرة الشرائية للزبائن ومعظمهم من العمال، أو إغلاق المحل تجنباً للخسارة، إذ إن البيع بنفس السعر السابق يعني الخسارة نتيجة ارتفاع التكاليف".
سعر سلة الطماطم في تعز
صاحب محل لبيع الفواكه والخضروات، علي الريمي، قال لـ"العربي الجديد" إنّ سعر سلة الطماطم بالجملة يبلغ ما بين 60 - 70 ألف ريال، وتحتوي على 20 كيلوغراماً ما يجعل البائع يبيع الكيلو للمستهلك بـ3500 ريال، أو بـ4000 ريال للنوع الممتاز، وهذا سعر مرتفع جداً مقارنة بالقدرة الشرائية للمواطنين".
وأضاف الريمي، أنّ "هناك عوامل كثيرة أدت إلى ارتفاع سعر الطماطم، أهمها انتهاء موسمه، فضلاً عن الطماطم التي تستورد معظمها من مناطق سيطرة الحوثيين وبالتالي هناك زيادة في تكلفة النقل، ودفع ضرائب إضافية، فضلاً عن الشراء بالريال السعودي، وهناك فارق صرف إذ إن سعر الصرف في مناطق الشرعية 500 ريال يمني للريال السعودي، وفي مناطق الحوثي 140 ريالاً يمنياً للريال السعودي".
وأكد الريمي أنّ "الكثير من المزارعين في مناطق سيطرة الشرعية تحديداً في وادي الضباب يلجؤون إلى بيع محاصيلهم الزراعية في منطقة الحوبان شمال المدينة التابعة لسيطرة الحوثيين نتيجة فارق سعر الصرف، وهذا يؤثر على ارتفاع أسعاره داخل المدينة".
المهندس الزراعي نبيل عبد الرزاق قال لـ"العربي الجديد" إن "سبب الارتفاع الكبير بأسعار الطماطم هو عدم توفر ثلاجات تخزين بحيث يتم تخزينه أيام الموسم إلى الأيام التي يقل فيه الإنتاج، وهذا الأمر يحدث تلاعبا بالسوق، حيث نلاحظ أن أيام الموسم يزيد العرض بشكل كبير ويقل الطلب، ما يتسبب بانخفاض السعر، وقد يصل إلى 300 ريال للكيلو الواحد، بينما يرتفع السعر في غير الموسم إلى 4000 ريال كما هو حاصل هذه الأيام".
وأضاف المهندس الزراعي أن "عدم وجود ثلاجات تخزين للطماطم يجعل المزارع غير مستفيد من زراعة الطماطم وبالتالي هناك عزوف كبير من المزارعين، حيث إنهم في الموسم لا يجنون تكاليف الزراعة نتيجة انخفاض الأسعار، وبالتالي فهم لا يملكون ثلاجات للتخزين، ما يجعل العمل بزراعة الطماطم غير مربح لهم".
وأكد المهندس الزراعي أن "زراعة محصول الطماطم شهدت تناقصا في كمية الإنتاج في السنوات الأخيرة نتيجة غياب استراتيجية حكومية لتنظيم الإنتاج في ظل قلة توفر المياه، وارتفاع أسعار المحروقات والمشتقات النفطية، والمبيدات الزراعية، وارتفاع تكاليف اليد العاملة، بالإضافة إلى عدم تخزين الطماطم أيام الموسم".
وتتم زراعة الطماطم في وادي الضباب جنوب غرب مدينة تعز، غير أن المحصول لا يغطي احتياج المدينة، ما يضطر التجار إلى جلب الطماطم من المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين وأبرزها محافظة صعدة شمال اليمن، إذ يمتاز الطماطم الصعيدي بأنه أجود الأنواع على مستوى اليمن، كما يتم استيراده من مناطق أخرى كيريم ووادي ورزان وغيرها.
وبلغت مساحة زراعة الطماطم في اليمن في 2021، نحو 8.4 آلاف هكتار، بإنتاجية وصلت لقرابة 163 ألف طن، وفق كتاب الإحصاء الزراعي السنوي لوزارة الزراعة والري في صنعاء، فيما بلغ إنتاج اليمن من محصول الطماطم خلال العام 2022 نحو 172 ألفاً و830 طناً. وحسب بيانات الإحصاء الزراعي، يبلغ إجمالي إنتاج اليمن من الخضراوات سنوياً نحو 888 ألف طن