أسباب عديدة قد تكون خلف توقف اجتماعات الحكومة، منها الشلل المسيطر على مؤسسات الدولة في منظومة الشرعية، إضافة إلى سبب آخر؛ يراه مراقبون بأنه الأقرب، وهو ما يتعلق بالمفاوضات التي تجري بين السعودية ومليشيا الحوثي، والتي لا يعرف مسؤولو الحكومة الشرعية عنها شيئا؛ مما يجعل الأجندة المستقبلية لعمل الحكومة غير واضحة.
التشتت السياسي والانقسامات الداخلية تبرز تحديات كبيرة، في ظل الصراع المستمر في البلاد، ومن أبرز هذه التحديات ضعف الفاعلية في أداء الحكومة وغياب المسؤولين، عوضا عن صعوبة تحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد، حتى بات المواطنون ينظرون إلى اجتماعات الحكومة وحضورها أنه لا يختلف كثيرا عن غيابها.
- طبخة غير معلومة
يقول الأكاديمي والباحث السياسي، د. عبدالوهاب العوج: "للأسف الشديد، كلما أمَّلنا خيرا في أحد رجالات الدولة نُكبنا بالإحباط وسُوء تدبير".
وأضاف: "أنا كنت من الناس الذي يقولون إن أحمد عوض بن مبارك رجل دولة ورجل اقتصاد، وسيحرك المياه الراكدة، وكانت هناك مؤشرات كثيرة بأن الرجل سيتحرك من منطلق المسؤولية، ومن منطلق خبرته في المجال الاقتصادي والإداري، لكن يبدو أننا كحكومة شرعية نعاني من تكبيل النافذين من دول الجوار كالسعودية والإمارات".
وتابع: هناك طبخة غير معلومة أسفر عنها إعلان المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، ذلك الاتفاق، الذي قال عنه إنه اتفاق بين الأطراف لإلغاء كل القرارات بين بنكي عدن وصنعاء، وإعادة تسيير الرحلات إلى مطار صنعاء".
وأردف: "كل ذلك ينبئ بأن الإخوة في السعودية يريدون أن يخرجوا من اليمن بأي طريقة، مهما كانت نكبة اليمنيين، بمليشيات انقلبت على السلطة، وعليها قرارات دولية".
وزاد: "للأسف الشديد، حينما تتوقف اجتماعات مجلس الوزراء فإنه يعد مؤشرا خطيرا بأن العجلة لا تسير بالشكل الصحيح".
وأشار إلى أنه "حينما لا يعود مجلس النواب ومجلس الشورى وكل مسؤولي الدولة إلى الداخل، كل ذلك ينبئ بأن وراء الأكمة ما وراءها:.
وقال: :نحن نعاني من تخبّط في مجلس القيادة الرئاسي، وفي الحكومة الشرعية، التي شُكلت من فسيفساء العمل السياسي، والتي لا تكتمل أركانها، ولا تتداعى لحل مشكلات الخدمات كالكهرباء والمياه والصحة والتعليم، وتحسين الريال اليمني، والاقتصاد اليمني، بإجراءات ملموسة على أرض الميدان".
ولفت إلى أن "آخر تلك النكبات والكبوات هي ما تم الإعلان عنه من إلغاء لقرارات البنك المركزي ، مشيرا إلى أن "كل ما يحدث هو في مصلحة مليشيا الحوثي الإيرانية، التي تستفيد من هذا الوضع المترهِّل، سواء في مجلس الوزراء، أو في مجلس القيادة الرئاسي"، حد قوله.
واعتبر أن "ما يحدث في مجلس الوزراء ينبئ بأن هناك فشلت ذريعا، ونخشى أن يكون وراء الأكمة ما وراءها، وأن يكون هناك اتفاقات سرية بين السعودية ومليشيا الحوثي ستجبر الحكومة ومجلس القيادة للقبول بها بدون وجود قاعدة ومرجعيات حقيقية للحل، وأهمها مخرجات الحوار الوطني، والقرارات الدولية واتفاقات الرياض".
وأضاف: "لا زلنا نأمل خيرا بأن الإخوة في السعودية يفهمون طبيعة الصراع مع مليشيا الحوثي، وهو صراع ممتد منذ الأئمة والهاشمية السياسية وحتى الآن، ولن ينتهي، وهم لن يكونوا في مأمن من أي حركات شيعية في المنطقة".
وتابع: "يجب على السعوديين أن يدعموا الحكومة الشرعية بكل ما يستطيعون دعما حقيقيا ملموسا على أرض الميدان، من خلال تحسين العُملة، وإعادة تصدير النفط والغاز، وعودة مصافي عدن للتشغيل، ونقل خدمات الإنترنت والاتصالات إلى العاصمة المؤقتة عدن:.
- تدخلات سافرة
يقول الخبير الاقتصادي، رشيد الآنسي: "إن الأجندة، التي كانت في الاجتماع الأخير، تبدو أنها كانت مبالغة فيها إلى درجة كبيرة، بأنه سيتم وضع حلول لمشاكل مزمنة، لن تكفي السنة أو السنتان حتى يتم التخلص منها".
وأضاف: "أنا أعتقد بأن هناك خلافا داخل الحكومة، من حيث الأجندات التي توضع في اجتماعات مجلس الوزراء".
وتابع: :نحن نلاحظ، منذ عشر سنوات تقريبا، كل بيانات أو تقارير اجتماعات مجلس الوزراء تتحدث عن أشياء غير قابلة للتطبيق، ولم تطبَّق أصلا، فهم يتحدثون في محاضر الاجتماعات عن أشياء كبيرة، خارج سيطرة الحكومة، ولا تستطيع أن تطبِّقها".
وأردف: "أحمد بن مبارك عندما استلم الحكومة، كنا نأمل خيرا منه بأن ينقل الأداء الحكومي من الوضع الذي هو فيه إلى وضع آخر، ولمسنا في بداية تعيينه التحركات التي قام بها والأنشطة التي كان يمارسها، وتوقعنا من ذلك خيرا".
وزاد: "يبدو أن بن مبارك انصدم بحكومة أو بوزراء هو غير مسؤول عن تعيينهم، فجميع الوزراء تقريبا عُيِّنوا بمحاصصة سياسية معيّنة، أو بتقسيم مناطقي معيّن، وهو ما قد يغيِّب الكثير من الكفاءات عن الكثير من الوزارات".
وقال: "توقف اجتماعات الحكومة قد يكون بسبب التدخلات التي أصبحت سافرة من قِبل السعودية والإمارات، وأيضا قد يكون بسبب عدم الاتفاق بين أعضاء الحكومة، باعتبار أن بن مبارك دخيل عليهم، ولم يكن المسؤول عن تشكيل هذه الحكومة، التي كان يفترض أنه هو من يختار طاقمه بنفسه، بعيدا عن المحاصصة، أو على الأقل أن يكون مسؤولا عن مَن عيَّنهم، أما الآن جاء على تحصيل حاصل".
وأضاف: "التدخلات أصبحت سافرة، فإذا كان ما تم من مفاوضات بين الجانب السعودي ومليشيا الحوثي تم بدون معرفة مجلس القيادة الرئاسي، فما بالنا بالحكومة!".
وتابع: "نحن نعتمد على إعلان مليشيا الحوثي بأن الاتفاق لم يكن بينها وبين الحكومة، وإنما كان مع الجانب السعودي، دون أن نلاحظ أي رد فعل من قِبل الحكومة".
وتساءل: "إذا كانت الحكومة شاركت في هذه المفاوضات، لماذا ترحِّب بمفاوضات هي شاركت فيها؟ كيف ترحّب بأمور هي من قامت بوضعها، أو بالاتفاق عليها في حال كانت هي جزءا أصيلا من هذه المفاوضات، كما تقول؟".
وأشار إلى أن "هذا الأمر يُظهر جليا بأن القرار الحكومي ليس بيد الحكومة، وليس بيد مجلس القيادة، وإنما متعلق بالإخوة في التحالف، الذين زادت تدخلاتهم إلى درجة كبيرة، أنهم أوقفوا قرارات البنك المركزي، بل وصلت إلى أنهم انتزعوا صلاحيات البنك المركزي باتفاق، وهذا كان شيئا أصيلا، وفقا للدستور والقانون اليمني".