وبحسب موقع “جي إن أس”، بدأت الرياض في 15 نوفمبر تنفيذ ترتيبات لنشر قوات بحرية عند واحد من أهم الممرات الاستراتيجية عالميًا، وذلك بالتوازي مع صدور قرار جديد من مجلس الأمن يشدّد العقوبات على قيادات الحوثيين.
ونقل الموقع عن مسؤولين في البحرية اليمنية أن السعودية وجّهت وحدات بحرية حليفة للاستعداد لعمليات تفتيش مشتركة على السفن المتجهة نحو ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين. وستنتقل عمليات التفتيش — بدعم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة — من جيبوتي إلى أعالي البحار، ما يرفع مستوى المخاطر ويزيد الضغط المباشر على الحوثيين.
وتأتي هذه الخطوة بعد اختتام مناورات “الموجة الحمراء” بقاعدة الملك فيصل البحرية في جدة، بمشاركة السعودية ومصر والأردن والسودان وجيبوتي والقوات البحرية التابعة للحكومة اليمنية الشرعية. وقال قائد القوات البحرية في عدن، عبدالله النخعي، إن المناورات ركّزت على حماية خطوط الملاحة وتعزيز قدرات تفتيش السفن.
وتتوافق التحركات السعودية مع العقوبات الأممية الجديدة التي تمنح تفويضًا واضحًا لاعتراض السفن وتفتيشها في المياه الدولية، ما يشكّل — بحسب التقرير — تشديدًا استراتيجيًا على نشاط الحوثيين البحري.
وفي السياق نفسه، وسّعت الرياض حملتها الإعلامية ضد الحوثيين. إذ ذكر معهد الشرق الأوسط (IIMES) أن المملكة خصصت ملايين الدولارات للضغط على منصات التكنولوجيا من أجل تفكيك الشبكات المؤيدة للجماعة. وأفادت تقارير بأن شركة “ميتا” أزالت عشرات الحسابات الحوثية، ما دفع الحوثيين لاتهام السعودية بالتأثير على منصات التواصل.
ويشير التقرير إلى أن هذه الحملة ليست جديدة، إذ سبق لفيسبوك عام 2019 أن أزالت أكثر من 200 حساب مرتبط بشبكات تأثير سعودية، كما وثّقت دراسات أكاديمية نشاطًا واسعًا مرتبطًا بالحكومة السعودية على منصة “إكس”.
ويرى التقرير أن التحرك السعودي يأتي ضمن صراع أوسع مع إيران، حيث تعتبر طهران اليمن “ممرًا استراتيجيًا” للوصول إلى العمق السعودي عند أي مواجهة محتملة. وقال الباحث في معهد القدس للأمن، ألكسندر غرينبرغ، إن السعودية تبدو مستعدة هذه المرة لمواجهة محور إيران–الحوثيين بشكل أكثر مباشرة، معتبرًا أن طهران فقدت الكثير من “أوراقها” الإقليمية.
وعلى الجانب الآخر، تواصل جماعة الحوثيين التصعيد اللفظي، مدّعية تحقيق “انتصارات على أمريكا” و”إغلاق” ميناء إيلات، ومروّجة لاتهامات بأن السعودية تقف وراء إزالة حساباتها على مواقع التواصل. كما حذّر القيادي محمد البخيتي من أن الحرب لن تتوقف إلا بـ”حكم عبدالملك الحوثي في صنعاء أو في المدينة أو جدة”.
بالتوازي مع ذلك، تُظهر مناطق الحوثيين علامات واضحة على تشديد القبضة الأمنية، إذ نفّذت الجماعة حملات اعتقال بتهم التجسس، وأصدرت محاكمها أحكام إعدام بحق 17 شخصًا. كما أعلنت عن تفكيك ما وصفته بـ”مقر عمليات استخباراتية مشتركة أميركي–سعودي–إسرائيلي”.
وترافقت هذه الإجراءات مع مسيرات شعبية واسعة، فيما زادت الضربات الإسرائيلية الأخيرة في صنعاء من التحديات التي تواجه القيادة الحوثية، بعد تقارير عن مقتل أو إصابة مسؤولين بارزين، بينهم اللواء محمد الغماري ووزير الداخلية عبدالكريم الحوثي.
ورغم التصعيد المتبادل، تؤكد قراءات دبلوماسية أن القنوات السياسية لا تزال مفتوحة. فقد التقى المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مسؤولين حوثيين وعمانيين، إلى جانب مسؤولين إيرانيين، في محاولة لخفض التوتر.
ويحذّر خبراء من ارتفاع احتمالات سوء الحسابات بين الأطراف، خاصة في ظل الاتهامات الإعلامية المتبادلة والمناورات البحرية السعودية. ويرى الباحث اليمني عاصم المجاهد أن هذه التحركات تمثل “إعادة تقييم” للسياسة السعودية، دون أن تكون بالضرورة مقدمة لحرب شاملة.
ويرجّح موقع “جي إن أس” أن يفضل الطرفان الاكتفاء باحتكاكات محدودة — عبر المسيّرات والتحرشات البحرية والضربات الدقيقة — بدلاً من الذهاب إلى مواجهة واسعة. فوجود قوات مشتركة في البحر الأحمر يمنح الرياض خيارات تكتيكية جديدة، بينما يعزّز الخطاب المتشدّد الحوثي صورتهم الداخلية كـ”حركة مقاومة”.
ويخلص غرينبرغ إلى أن استمرار التصعيد قد يشير إلى استعداد سعودي للمضي نحو خطوات تطبيع مع إسرائيل، مضيفاً:
“يبدو أن السعوديين يختبرون ردود الفعل. الحوثيون اعتادوا استنزاف السعودية، ولم يتوقف ذلك إلا حين فرضت إيران شروط اتفاق الهدنة. اليوم الصورة تغيّرت بالكامل”.
