لايزال يوم الاثنين -3 أغسطس/آب 2015م- راسخاً في ذهن أمين نعمان، يوم اخترقت رصاصة القنّاص الحوثي رأسه، أثناء عمله في سوق الأشبط بائعاً للخضروات، ما تسبب بإصابته بشلل نصفي أقعده في المنزل لفترة طويلة دون حراك وإلى الأبد، ولن يستطيع أن يعاود حركته الطبيعية، كما أخبره الأطباء.
يروي أمين نعمان لـ"تعز تايم" معاناته، وهو الذي كان يعيل أسرة مكوّنة من 5 أبناء وطفلتين، بالإضافة إلى زوجته، كرّس حياته لأجل توفير لقمة العيش لهم عبر عمله بائعاً للخضروات في دكانه بسوق الأشبط.
يقول أمين إنه أصبح الآن عاجزاً عن خدمة أسرته، ويقضي معظم وقته طريح الفراش في المنزل، عدا دقائق يحاول من خلالها مقاومة الإعاقة عبر بعض التمارين، التي نصحه بها الأطباء.
يعيش أمين في منزل بأثاث بسيط، يتخذ من زاوية قُرب النافذة مكاناً يجلس فيه معظم الوقت، بعد أن أصبحت حركته محدودة، ويأمل أن تنتهي الحرب، وتتوقف جرائم القنص واستهداف المدنيين.
ويتابع أمين حديثه لـ"تعز تايم" أنه يحزن كثيراً عند سماع أطفاله يطلبون احتياجات ضرورية أو ألعابا، وهو عاجز عن تلبية مطالبهم، كما يتكرر مشهد عدم قدرته على دفع إيجار المنزل نهاية كل شهر، الأمر الذي دفع شقيق زوجته إلى اقتسام دخله مع أسرته، ودفع ما يمكن من مبالغ.
تتراكم ديون أمين لدى مالك المنزل والبقالة كل شهر أكثر من السابق، ويجد أحياناً بعض المساعدات من فاعلي الخير، إلا أنها ليست كافية لسداد جميع ديونه وتلبية متطلّبات أسرته.
اقرأ أيضا: "تعز تايم" يكشف مواقع انتشار قنَّاصة الحوثي في مدينة تعز
يتساءل أمين: "ما الذي استفاده القنّاص من إصابتي بالشلل، ومضاعفة معاناة وأوجاع أسرتي؟!".
ويضيف: "يبدو أن هذه الجرائم أصبحت وظيفة القنّاصين الذين يستهدفون المدنيين".
ويشير أمين إلى أن مدنيين آخرين بينهم نساء وأطفال استهدفهم القنّاصون في المكان نفسه الذي أصيب فيه قبل دحر الحوثيين إلى أطراف مدينة تعز.
حكاية أمين ليست سوى واحدة من حكايات مئات الضحايا الذين استهدفهم قنّاصة جماعة الحوثي المتمركزون في أطراف المناطق غير الخاضعة لسيطرتهم بمحافظة تعز.
يرتكب قناصو الحوثي المحترفون جرائم مستمرة في المناطق القريبة من مواقع التماس بمحافظة تعز، أو التي يصل إليها مدى السلاح المستخدم من قِبل القناصة، وضحايا القنص غالبا هم من المدنيين، ومعظمهم من النساء والأطفال.
اقرأ أيضاً: "تعز تايم" يرصد 52 جريمة قنص حوثية لمدنيين في 9 مديريات بتعز
وفي ملف قناصة الحوثي الذي فتحه "تعز تايم" رصد الموقع خلال العام 2021م استهداف 27 ضحية قنصا من قبل الحوثيين في محافظة تعز من بينهم 14 امرأة و7 أطفال، وتركّزت الإصابات في مناطق خطيرة من الجسم، الأمر الذي جعل محاولات إنقاذ بعض المصابين غير مجدية من قِبل الأطباء، فيما فارق آخرون الحياة بعد إصابتهم في الرأس أو القلب.
اقرأ أيضاً: تعز تايم يرصد 737 عملية استهداف لسكان تعز برصاص قناصة الحوثي
هذه الجرائم رفعت أعداد الضحايا الذين سقطوا جراء استهدافهم من قبل القناصين الحوثيين في تعز منذ مارس 2015م إلى نهاية ديسمبر 2021م، إلى 718 مدنيا، بينهم 378 قتلوا بعد استهدافهم.
اقرأ أيضاً: قنّاصات أمريكية وروسية وإيرانية وصينية بأيدي الحوثيين لاصطياد أبناء تعز
وتستوجب جرائم القنص، التي ترتكبها جماعة الحوثي في تعز، خطوات جادة وفعّالة من مجلس الأمن والمجتمع الدولي، من شأنها إجبار الحوثيين على وقف استهداف المدنيين في عموم المحافظات، وإحالة ملف اليمن إلى محكمة الجنايات الدولية للتحقيق في كل الجرائم، التي من أبرزها جرائم القنص، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكابها.