وعلى مدار السنوات الماضية، ظلت حُرية التنقل هي الهاجس الرئيسي الذي يشغل بال السكان في مدينة تعز، فيما توارت عدد من الأزمات، التي خلقها الحصار، عن الواجهة، وبدت كما لو أنها مطالب ثانوية رغم أهميتها القصوى، مثل حق الحصول على خدمات المياه والكهرباء.
وأجبر الحصار الحوثي سكان تعز على التكيّف مع ظروف بالغة الصعوبة، خصوصا فيما يتعلّق بخدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، فضلا عن تصريف النفايات.
آبار قليلة
وبهذا الخصوص، تحدث مدير مؤسسة المياه حسن المجاهد لموقع "تعز تايم"، وأفاد بأن الحصار الحوثي أدى إلى انقطاع 80% من المياه، التي كانت تغذّي المدينة، إضافة إلى تهالك شبكتي المياه والصرف الصحي.
وبحسب المجاهد، فقد كانت تعز تعتمد على آبار المياه الواقعة في الحيمة - الحوبان - حبير -الحوجلة -العامرة - حذران (الضباب)، بعضها باتت على خط النار، مثل: العامرة، وحذران، والأخرى تقع تحت سيطرة الحوثيين.
وقال إن الكمية، التي كانت تنتجها المؤسسة من هذه المصادر بحدود 20 ألف متر مكعب تضاءلت، الآن ننتج فقط 3 آلاف متر مكعب من الآبار الواقعة داخل المدينة، هذا مع إضافة 3 آبار جديدة دخلت الخدمة.
من إجمالي 65 بئرا كانت تغذّي مدينة تعز قبل الحرب بالمياه، حَرم الحصار الحوثي أحياء مدينة تعز من الإمدادات التي تضخها 42 بئرا، ظلت تحت سيطرة الحوثيين في الحيمة وحبير والحوجلة والحوبان.
أسعار باهظة
وخلافا للطرق البدائية في تجميع مياه الأمطار المتساقطة من أسطح المنازل، اعتمد سكان تعز بدرجة رئيسية على المياه التي تبيعها صهاريج خاصة، حيث وصل سعر الصهريج سعة 6 آلاف لتر إلى 25 ألف ريال، فيما تكفلت بعض المنظمات الإغاثية بتوفير مياه الشرب لأغلب أحياء المدينة.
وذكر سكان لـ"تعز تايم" أن سعر الصهريج الواحد يتفاوت مع تقلّبات أسعار مادة الديزل، حيث يصل في المناطق الواقعة في أقصى الحدود الشرقية بمديرية صالة إلى قرابة 35 ألف ريال، وبعضها من المياه المالحة، خلافا للمياه المحلاة القادمة من حوض الضباب.
اقرأ أيضاً: بالأرقام.. هكذا يدفع سكان تعز ثمن حصار الحوثيين المدينة للعام السابع
وتعود أزمة المياه في تعز إلى أن غالبية الآبار، التي كانت تمد المدينة قبل الحرب، تقع تحت سيطرة الحوثيين، وهو ما جعل المليشيا تستخدم المياه كسلاح إضافي لعقاب سكان المدينة الذين رفضوا التماهي مع مشروعها الانقلابي.
خدمة متوقفة
ورغم وجود 22 بئرا يفترض أنها تغذي المدينة لوقوعها في نطاق سيطرة القوات الحكومية، إلا أن غالبية الأحياء السكنية في مديريات القاهرة والمظفر وصالة ظلت أيضا محرومة من خدمات المياه، فيما حصلت بعض الأحياء، التي تقع في مناطق منخفضة، على نسب متفاوتة.
وقال وهيب الذبحاني، وهو من سكان حي الجمهوري، لـ"تعز تايم"، إن الأهالي قاموا بإصلاح شبكة المياه على نفقتهم الخاصة، لكن المياه لم تصلهم سوى مرة واحدة منذ سنوات، وكانت لمدة ساعة واحدة فقط.
مؤسسة المياه في مدينة تعز قالت، في رد على استفسارات "تعز تايم"، إن الآبار التي لازالت في الخدمة تضخ إلى الأحياء الواقعة في نطاقها فقط، فيما كانت آبار الحوبان، الواقعة تحت سيطرة المليشيا، هي التي يتم الاعتماد عليها كليا للضخ إلى الأحياء المرتفعة مثل الجمهوري والعسكري والمجلية وقلعة القاهرة والسواني.
وأشارت المؤسسة إلى أن الآبار الواقعة تحت سيطرة الحوثيين تنتج أكثر من 100 ألف متر مكعب يوميا، فيما الآبار المتوفرة داخل المدينة تنتج نحو 2500 متر مكعب فقط في اليوم الواحد.
حلول غير كافية
وتأمل السلطات الحكومية التوجّه نحو منطقة الضباب، وحفر نحو 10 آبار جديدة بتمويل من المنظمات الدولية والإقليمية، إلا أن هذا الحل لم يعد مجديا وفقا لخبراء.
وقال مصدر في مشروع المرتفعات الجنوبية بتعز لـ"تعز تايم": "إن حوض الضباب المائي تعرض للاستنزاف الجائر خلال سنوات الحرب، حيث كانت غالبية أحياء المدينة تعتمد عليه بدرجة أساسية، فضلا عن استهلاكه للزراعة، ولذلك أصبح مهددا بالجفاف والتصحّر".
وأشار المصدر إلى أن أزمة المياه في تعز ستكون أخطر خلال العشر السنوات القادمة، في حال تم الاعتماد على الأحواض الحالية في الضباب والحيمة والحوبان، لافتا إلى أن الحل الوحيد هو تحلية مياه البحر.
